بازگشت

تذكر لوصايا سابقة انتبه في الأيام الأخيرة، فكان من أشد المناصرين


كان زهير يكره لقاء الحسين عليه السلام، و بالتأكيد فانه كان عالما بالمهمة التي كان يسعي اليها. و لم يكن مقتنعا بها أو بصحة موقف الحسين عليه السلام، و ربما اعتقد أنه عليه السلام كان بسبيل قضية خاسرة. و هكذا فان هواه لم يكن معه. و قد تباطأ و تردد في الاستجابة لدعوة الحسين عليه السلام، الا أن امرأته - دلهم بنت عمرو - و يبدو أنها كانت امرأة صالحة، حثته علي الذهاب والاستماع لما يقوله الامام، قائلة: (أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه. سبحان الله، لو أتيته فسمعت من كلامه.

فأتاه زهير - علي كره - فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه و رحله و ثقله، فحول الي جهة الحسين عليه السلام، ثم قال لامرأته: الحقي بأهلك، فاني لا أحب أن يصيبك من سببي الا خير.

ثم قال لأصحابه: من أحب منكم أن يتبعني، و الا فهو آخر العهد مني. سأحدثكم بحديث: غزونا بلبخر، ففتح الله علينا، و أصبنا غنائم، فقال لنا سلمان (رض) [1] : أفرحتم بما فتح الله عليكم، و أصبتم من الغنائم؟ فقلنا: نعم.

فقال لنا: اذا أدركتم شباب آل محمد، فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم منكم بما أصبتم من الغنائم. فأما أنا فاني استودعكم الله.


ثم والله ما زال في أول القوم حتي قتل) [2] .

لا نعلم تفاصيل أكثر من هذه التي وردت في الرواية، غير أننا نعلم أنه شارك في مغاز للمسلمين سابقة. و لعل حديث سلمان في بلبخر - و هي مدينة في الخزر في زمن عثمان علي يد سلمان بن ربيعة الباهلي و كان سلمان الفارسي ضمن الجيش - كان ماثلا في ذهن زهير من ذلك الحين. و لم يكن يحتاج أحدا لكي يذكره به. غير أنه ربما غابت عن ذهنه صورة شباب آل محمد. و ربما شوهت هذه الصورة أو زورت و حاولت الدعاية الأموية، المضللة ابعادها عن أذهان المسلمين و عيونهم و وضعت بدلا عنها صور آل أبي سفيان باعتبارهم هم آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و أشد المقربين اليه.

ثم من هم الذين سيقاتلهم شباب آل محمد...؟ أليسوا هم (ولاة الأمور) المزيفون الذين وضع نظام الانحراف بشأنهم أحاديث منسوبة الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أظهرت و كأن طاعتهم هي طاعة لله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و أن مخالفتهم و عصيانهم عصيان لله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم أيضا..؟.

و أولت آيات من القرآن الكريم لتنسجم معانيها مع أهدافهم و أغراضهم، ولكي يجعلوا الأمة علي امتداد الأزمان خاضعة مستسلمة للطغاة والفراعنة ودعاة الشرك والانحراف؟.

ان المرجح أن زهيرا عندما قابل الامام الحسين عليه السلام و استمع اليه يتحدث عن طبيعة المهمة الكبيرة التي كان بسبيله لانجازها مع آل بيته و أصحابه، و ما ينتظرهم عندالله اذا ما نجحوا فيها و صمدوا الي النهاية؛ أدرك من كان معنيا برواية سلمان عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، هم هؤلاء الشباب الذي يسيرون خلف امامهم وقائدهم الحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة.

و ان مرافقة هؤلاء في مهمتهم هو الأمر الذي ينبغي أن يفرح به حقا. ما دام طريقهم يبدو أقرب طريق للجنة مع سيد شباب أهل الجنة.


پاورقي

[1] و هو علي الأغلب سلمان الفارسي (رض) اذ أنه جدير لمکانته من رسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم و موقعه من أن يروي مثل هذه الأخبار عن الرسول (ص) مخبرا عما سيجري لشباب آل محمد الذين يقودهم الحسين. و قد ذکره الطبري ب (سلمان الباهلي) و ربما نسبه الي الباهلي و هو سلمان بن ربيعة قائد الحملة التي غزت بلبخر و شارک فيها سلمان کما کان يفعل بعض نقلة الوقائع والأخبار.

[2] المصادر السابقة.