بازگشت

القتل المحقق خير من الاستسلام المهين«بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا«


و من الملفت للنظر حقا هو التحاق بعض الأشخاص بالحسين عليه السلام، ممن كانوا لا يرون رأيه و لا يتخذون موقفه، غير أنهم تمتعوا بحس صاف و ادراك سليم، جعلهم يعون طبيعة المهمة التي كان يقوم بها، و قد رأوا أن عليهم المشاركة بها، مهما كانت النتائج التي قد تكون معروفة و متوقعة، و هي القتل المحقق، الا أنهم استسهلوا ذلك، كما استسهله أنصاره الأوائل الذين جاءوا معه من المدينة. فالمهمة كبيرة، و ثمنها لا بد أن يكون كبيرا و باهظا. و من تراهم هم، في مقابل امام الأمة وقائدها الذي أقبل في مقدمتهم مضحيا بنفسه و بكل عزيز لديه من أجل تحقيقها و تحقيق خلاص الأمة من طغاتها، و من انحرافها و سباتها الذي بدا أنه لن ينتهي في غمرة ذلك الخروج المتسارع عن مبادي ء الاسلام.

ولن نتكلم عن أولئك الاعراب الذين التحقوا به ثم تركوه بعد أن علموا أن معركته لم تكن معركة مغانم و مكاسب شخصية، و أنهم لن يحصلوا علي أية غنيمة جراء التحاقهم به. و أنهم ربما يقتلون معه اذا ما رافقوه الي نهاية الشوط، و هو ما


ترجع لديهم بعد أن أكده هو عليه السلام لهم في أكثر من مناسبة. و انما نشير الي تلك الحالات النادرة التي تغلب فيها أنصاره علي مخاوفهم الخاصة و جزعهم من الموت، و عدوا نصرته هو الأمر الذي ينبغي أن يعمل لمثله العالمون و يفرحوا و يستبشروا. فهو فضل من الله، بل هي رحمة اختصهم بها دون غيرهم من أبناء الأمة العاجزة المستسلمة.

عندما بلغ ابن زياد مسير الحسين عليه السلام الي الكوفة كتب الي عامله بالبصرة أن يراقب الطرق و يضع فيها الحراسات المسلحة. الا أن ذلك لم يمنع يزيد بن نبيط العبدي، أحد شيوخ البصرة [1] من التوجه الي الكوفة للالتحاق بالحسين عليه السلام رغم تحذير بعض الناس له من ذلك.

(اني والله لو قد استوت أخافهما سبالجدد لهان علي طلب من طلبني. ثم خرج فتقدي في الطريق حتي انتهي الي الحسين عليه السلام، فدخل في رحلة بالأبطح، و بلغ الحسين مجيئه، فجعل يطلبه، و جاء الرجل الي رحل الحسين، فقيل له: قد خرج الي منزلك. فأقبل في اثره، و لما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره، و جاء البصري فوجده في رحله جالسا، فقال: (بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا) [2] .

فسلم عليه، و جلس اليه، فخبره بالذي جاء له، فدعا له بخير، ثم أقبل معه حتي أتي فقاتل معه، فقتل معه هو و ابناه) [3] .


پاورقي

[1] ذکر بأسماء متعددة (يزيد بن ثبيت القيسي) (يزيد بن ثبيت العبدي) (بدر بن رقيط) (بدر بن رقيد) يراجع / أنصار الحسين / محمدمهدي شمس‏الدين / الدار الاسلامية ط 1981/2 ص 112.

[2] يونس 58.

[3] الطبري 278/3.