بازگشت

بدر.. حالة ممكنة التكرار


كان أداء البدريين الأوائل حالة ممكنة التكرار، يمكن أن تحصل في أي زمان. و لم تكن حالتهم تعرض علينا كأمر غير ممكن التحقيق، و كاشارة مشرقة وحيدة في تاريخنا لا يمكن أن تعود ثانية.

ان الأمر الوحيد الذي لا نستطيعه هو الاقتراب من عصمة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و آله، المسددين بارادة الهية عليا أو الوصول اليها، كما أوضحنا ذلك من قبل. غير أن أي سلوك انساني آخر مهما ارتفع وارتقي، فانه ممكن التحقيق، ما دامت القدرات البشرية العامة موجودة لدي الناس. غير أن الانسان يرتفع و يهبط وفقا لغلبة الدوافع والغرائز الموجودة لديه، فاذا ما استطاع السيطرة علي هذه الغرائز والتحكم فيها وفقا لما يراه، و لما تتطلبه توجهاته و تصوراته و مثله، و جعل من الدوافع العليا (و هي الدوافع الاسلامية)، غاية ما يتطلبه و يسعي اليه، و لا يري أمامه سوي الاسلام، و سوي القوة العظيمة التي أنزلته و طلبت من عموم البشر التصرف وفقه و في ضوء أحكامه و قيمه، استطاع الاقتراب من المثل العليا التي يضعها أمامه، و هي شخصية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، والشخصيات الأخري التي أعدها لخلافته في قيادة الأمة. و مع أن ذلك يعني أنه لا يستطيع أن يكون مثلها أو بمستواها، الا أنه يستطيع أن يفهمها و يتفاعل معها، و يتأثر بسلوكها و أخلاقها و يسير ضمن توجيهاتها و تصوراتها، و يعمل في أطر تلك


التوجيهات والتصورات، و يتبناها، كأسلم وسيلة تحقق له طموحه في فهم الاسلام و الأخذ به و تبنيه كقوة وحيدة أو دين وحيد يتحكم في حياته.

فليس عبثا أن يجعل الله من رسول صلي الله عليه و آله و سلم و آله قدوة حسنة لكل الناس؛ ما دام يريد لهم أن يقتدوا بهم فعلا و يسيروا علي خطاهم باذلين كل جهدهم في ذلك؛ و ما دام بامكان الناس أن يتخلقوا ببعض أخلاقهم و سلوكهم.