بازگشت

من يحمي من؟


السطان أم الجندي

ان مشاهد عديدة تبرز أمام الباحث المتأمل في تاريخ تلك الأيام القليلة الحاسمة، و هي جديرة بمزيد من الدراسة و البحث و النظر لأنها تتعلق بمنعطف كبير أثر علي مجري تاريخ الأمة كله فيما بعد.

و من تلك المشاهد ما يتعلق بعبيدالله بن زياد نفسه، قائد الحملة المضادة لمسلم و الحسين عليه السلام فيما بعد و مرتكب مجازر الطف الرهيبة.

فرغم الشجاعة الظاهرية التي كان يدعيها و يبدو بها كاد أن يتخاذل و يستسلم أو يهرب عدة مرات، لولا المصير المعد له من قبل يزيد لو فعل ذلك.. و سنري كيف أنه بعد هلاك يزيد سينسحب و يهرب من البصرة و يلجأ الي امرأة من قبيلة قوية لتجيره ريثما يلتحق بركب الأمويين المرعوبين اثم الحدث المفاجي ء.


ان الشجاعة الظاهرية مصدرها السلطان القابع في دمشق بجيوشه و أمواله، و لم يكن لابن زياد قضية حقيقية مقابل قضية الثورة لكي يندفع الي أبعد حد محققا احدي الحسنيين اما النصر و اما الشهادة.

فقد كاد عبيدالله أن يتخاذل أمام هاني ء لولا مهران مستشاره.

و تملكه الرعب عندما حوصر من قبل مذحج قبيلة هاني ء لولا أن استنجد بشريح القاضي للادلاء بشهادة كاذبة امامها، و لو لا تخاذل عمرو بن الحجاج القائد المنافس لهاني ء و الذي دفعته الجموع الثائرة أمامها لقصر ابن زياد للمطالبة ببهاني ء، فاكتفي بتقديم فروض الولاء و الطاعة، و اكتفي بشهادة شريح بأن هاني ء كان لا يزال حيا.

كما تملكه الرعب ثانية عندما حاصره مسلم في القصر لولا أن سارع الي الاستنجاد بالاشراف و دعاهم لتخذيل الناس عن مسلم ملوحين بجيش الشام و قوة (الخليفة) المتربص هناك.

و قد أبي عبيدالله ان يتصدي لمسلم و يخرج لقتله عندما نصحه بعض أعوانه بالخروج فيمن معه من أتباعه و شرطه.. و رأي أن القضية لا تستحق منه أن يجازف بحياته، فهل يضمن له يزيد الجنة بعدها؟ بعد أن ضمن له مكاسب عديدة بعد انجاز مهمته؟.

غير أنه عند ما اطمأن الي ذهاب مسلم بعد ان لم يبق معه أحد من أهل الكوفة، أخذ يهدد أهل الكوفة مجردا كل شجاعته و عجرفته و أعوانه داعيا الجميع لأكبر حملة تفتيش عن شخص، بدا و كأنه يشكل بمفرده خطرا حقيقيا علي الدولة.. و ألقي خطبا نارية تهدد فيها و توعد، و سلط رئيس شرطته الحصين بن تميم علي دور أهل الكوفة دون النظر الي حرمتها.

و تم له في النهاية بعد و شاية من شاب سكير - هو ابن المرأة التي آوته - اكتشاف مكانه و تجريد قوة للقبض عليه بعد حيلة دنيئة و بعد أن أمنه قائد تلك القوة علي حياته.

و بعد مقتل مسلم و هاني ء قام بأكبر حملة اعتقالات للعناصر الموالية للامام عليه السلام، ذكر بعض المؤرخين أن عدد المعتقلين تجاوز الألفين، و لعله جرد
لهذه المهمة كل ما لديه من شرطة و عرفاء و أشرف و رجهاء و عيون و نقباء و أمناء الخ مكملا العملية بالقيام بأكبر عملية تعبئة لمواجة الامام الحسين عليه السلام، كما سنري في غضون هذه الدراسة بعون الله.