بازگشت

العريف و النقيب


توزع الولاء بين القبيلة و الدولة

8 - ان انشاء نظام شبه عسكري يتمثل بالعرافة و النقابة و ما شابههما تابع للدولة مباشرة، مع أن العريف قد يمارس عمله داخل قبيلته، الا أن ارتباطه لا يكون مع رئيس قبيلة و انما هو مسؤول عن أعماله امام الدولة مباشرة، من شأن ذلك أن يوجد تخلخلا داخل القبيلة الواحدة ليتوزع ولاءها بين الدولة الممثلة بالعريف الحافظ للسجلات و الموزع للعطاء و بين رئيس القبيلة، و يجعلها منقادة بالتالي للدولة.

كما أن توسيع جهاز الشرطة و الشرطة السرية (العيون)، و هي فئة تدين بالولاء و الطاعة لمن يدفع لها (الدولة)، مهما كانت توجهاتها، من شأنه أن يوجد مركزا من مراكز القوة تضيفها الدولة الي رصيدها.

و الرواية كيف تصرف المسؤول عن شرطة ابن زياد ابان تخلي جموع الكوفة عن مسلم و كيف استنفر العرفاء و الجند و العيون لالقاء القبض عليه، و كيف عملوا بعد ذلك لاعداد العدة لمواجهة الامام الحسين عليه السلام.

و لعل الشرطة و العرفاء هم أكثر من أخذ بجدية تهديدات ابن زياد، و قد انتموا اليه بحكم مناصبهم و كان ولاؤهم له وحده، لأنه المتحكم الأول بارزاقهم و مصائرهم و مستقبلهم، اذ أنهم لم يكونوا يرون مستقبلا أو حياة الا مع الدولة التي تدفع لهم.

و كان (العيون) الضمير الخفي الذي ثبتته الدولة بديلا عن الضمائر الحقيقية التي قد يفصح أصحابها عن أعمالهم و نياتهم، فلا يجدون من يحاسبهم أو يقف أمامهم سوي ضمير الدولة المتجسس عليهم النافذ الي كل حلقات المجتمع.

كان من شأن العيون أن يظل الناس علي حذر في أفعالهم و أقوالهم و يشعروا أنهم في طل مراقبة دائمة، و كان من شأنه منع الكثير من التحركات ضد الدولة أو


كشفها في الوقت المناسب، و هو ما رأينا مصداقا له مع العين الذي أرسله ابن زياد لكشف مسلم.

(و لا تزر وازرة وزر أخري...)