بازگشت

استقطاب قوي التأثير


5 - ركز الحكم الأموي علي استقطاب قوي التأثير من زعماء القبائل و غيرهم، و حاول معاوية منذ أيام أميرالمؤمنين عليه السلام مراسلة بعضهم و استمالتهم بالأموال و الوعود بالمراكز و الجاه في ظل دولته اذا ما استتب الأمر له.

و قد رأينا أن العديدين منهم استجابوا له منذ ذلك الحين كالاشعث بن قيس و كان لهم دور بارز في مهزلة التحكيم اليت أجبروا أميرالمؤمنين عليه السلام فيها علي الاستجابة لطلب معاوية للتحكيم بعد رفع المصاحف، و حرضوا بعض قصيري النظر من الخوارج و غيرهم لتمرير المخططات النذلة كما كان للعديد منهم الدور البارز بجعل الناس تتخلي عن الامام الحسن عليه السلام، ثم عن مسلم (رض) و الحسين عليه السلام فيما بعد.

ان (الاشراف) كموقع اجتماعي يشكلون اذا ما كانوا دون أي خلفية رسالية خطرا علي الأمة ككل، لأنهم في هذه الحالة لا يرون أمامهم الا مصالحهم و امتيازاتهم المتعلقة بمصالح ساداتهم و كبرائهم و حكامهم، أنهم يرون أن حياتهم مرهونة بحياة أولئك الأسياد، فينحازون اليهم ضد أي طرف قد يرون فيه خطرا علي هؤلاء الأسياد، لأن الخطر قد يكون عليهم هم أنفسهم.

انهم علي امتداد التاريخ يقفون سندا لفرعون و مطامع فرعون و رغبات فرعون و يزينون له كل أعماله، و يعرضوها علي الناس علي أنها الشي ء الصحيح الوحيد الذي كان عليه القيام به.

و قد رأينا دور هؤلاء الكبير في الالتفاف حول ابن زياد حين قدومه الي الكوفة، و كانوا قبلها قد أحنوا رؤوسهم أمام ثورة مسلم، ثم دورهم الكبير في تخذيل الناس عنه و لجوئهم الي أسلوب التهديد بجيش الشام و قطع العطاء عنهم، و كان لذلك أثره حينما رأي الناس أن زعماءهم قد تخلوا عنهم و انقادوا لابن زياد دون تحفظ.

علما أننا رأينا نمطا مغايرا من هؤلاء الاشراف، نمطا رساليا لم ير امامه الا الاسلام، و رأي أن حياة الأمة كلها رهينة بوجود الاسلام و ازدهاره و نقائه.

و قد عمد ابن زياد الي سجنهم و قتل البعض الآخر منهم، اضافة الي من سجن


من عموم الناس فبلغ عددهم فيما روي أكثر من الفين، و هؤلاء هم الذين بقوا علي ولائهم للحسين عليه السلام ينتظرون قدومه للثورة معه.