بازگشت

الكوفة و دولة الظلم، استغلال العطاء و الرواتب


3 - تشكل علاقة هذا المجتمع - من الناحية المعيشية - بالدولة أمرا مهما، فرواتب المقاتلين و عوائلهم تستلم بشكل مباشر عن طريق عرفاء و أمناء و نقباء تعينهم الدولة لهذا الغرض، فهم يرون فيها الممول الأول بل الوحيد لهم و هي مصدر رزقهم الأساسي، و لعلهم في ظل دولة اسلامية عادلة كدولة أميرالمؤمنين عليه السلام لا يخشون غبنا أو حيفا، و يبقي هم بعضهم في التحايل علي الخروج للقتال و تثبيت الدولة و حمايتها من أعدائها.

غير أن دولة الظلم الأموي التي استأثرت بواردات الأمة الاسلامية و تصرفت بها بشكل كيفي يضمن لها بالدرجة الأولي تثبيت أركانها و دعائمها و شراء من تتوسم فيه النفع لها أو تدفع ضرره عنها، قد تلاعبت بالعطاء و حرمت منه الكثيرين بمرور الزمن و فرقت فيه بين الناس لأسباب و أعذار شتي.

و كان ذلك مصدر تهديد مستمر للجميع اذا ما لاحت بادرة من بوادر الخلاف و المعارضة، و كان مجرد التلويح بذلك الكثيرين ممن يرون في العطاء مصدر رزقهم الوحيد ينحنون و يتراجعون و يسكتون عن كل الانتهاكات و الخروج المتعمد و الانحراف عن الاسلام.


و أفضل مثال علي هذا تلويح ابن زياد و أتباعه من (الاشراف) بهذا الأمر الأمر الذي أدي الي تراجع العديدين عن نصرة مسلم أو الالتحاق بالحسين عليه السلام تحت وطأة شعورهم بان ابن زياد سينفذ تهديداته فعلا، لأن سوابق الدولة بهذا الشأن عديدة و متنوعة.