بازگشت

شجاعة، أم معرفة بواقع حال الخصوم


لقد نجح معاوية في تفريق هذه السيوف، و جعلها تضرب بعضها الآخر، و كان وضع هذا المجتمع العراقي في الكوفة الذي لا يحسد عليه بعد مقتل أميرالمؤمنين عليه السلام نتيجة لدأب معاوية و زياد و سعيهما المستمر لتفتيته و اضعافه و تفرقة أبنائه الي الحد الذي أصبح فيه يتخاذل لتهديدات مجردة من عبيدالله بن زياد، و قد جاء وحيدا الي الكوفة بعد وفود مسلم اليها، الا من بضعة أفراد تساقط معظهم في الطريق.

و لو نظرنا الي ابن زياد عند قدومه الي الكوفة و عمله فيها، من الزاوية التي نظر بها يزيد اليه، لرأينا أنه كان يتمع بقدر كبير من الشجاعة و الجرأة مما أتاح له التغلب علي أهل الكوفة بأجمعهم، غير أننا متي ما درسنا أوضاع الطرف الآخر، و هم أهل الكوفة أنفسهم، علمنا أنه كان يدرك أن شجاعته و جرأته ما كانتا لتسجديان و تنسجما، و لما كان قد لجأ اليهما أصلا و ربما لم يفد الي الكوفة نهائيا، لو لم يكن يعرف حال أهل الكوفة بعد تطويعهم و ترويضهم و اخضاعهم - من قبل أسلافه - و جعل العناصر القوية المتنفذة أداة بيد النظام الحاكم الذي كان يعتبر هو أحد دعائمه الرئيسية.

و قد رأينا كيف أنه أسقط في يده و انهارت شجاعته التي كان يتظاهر بها عندما أنبأه هاني ء بقوة المعارضة الموجودة في الكوفة، و كاد يستسلم له عندما وعده بالأمان، لو لا أن استنهضه مهران مولاه، و شجعه علي عدم التخاذل أو التنازل، و كيف أنه في المرة الثانية - عندما حوصر من قبل مسلم في القصر، قد استوحش و خاف و طلب من الأشراف البقاء معه... كما أن له مواقف أخري رأي فيها أن الهزيمة أسلم له... كما فعل عند هربه من البصرة فيما بعد.