بازگشت

فقد كنا، و أبوك فينا، نعرف فضل ابن أبي طالب لازما لنا


و قد رأي الأمويون، و في مقدمتهم معاوية ان امامة الأمة طالما قد خرجت عمليا عن الصفوة التي أعدها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و أعد الأمة لاستقبالها و تقديمها رائدة


لمسيرتها، فان هذا الأمر ممكن ان يتكرر معهم أيضا و يحصلوا علي الخلافة و انهم لم يفعلوا شيئا سوي أن فعلوا ما فعله غيرهم من قبل.

و في هذا المجال، احتج معاوية علي محمد بن أبي بكر، عندما عاتبه هذا الاخير علي موقفه العدواني من أميرالمؤمنين عليه السلام و من الاسلام، و خروجه عليه و ادعاء الأمر لنفسه دونه، قائلا في رسالة مكتوبة:

(فقد كنا، و أبوك فينا نعرف فضل ابي طالب و حقه لازما لنا مبرورا علينا، فكان أبوك و فاروقه، أول من ابتزه حقه و خالفه علي أمره، علي ذلك اتفقا و اتسقا...

ثم قام ثالثهما عثمان، فهدي بهديهما و سار بسيرهما... أبوك مهد مهاده، و بني لملكه و ساده، فان يك ما نحن فيه صوابا، فأبوك استبد به و نحن شركاؤه، و لو لا ما فعل أبوك من قبل، ما خالفنا ابن أبي طالب، و لسلمنا اليه، و لكنا رأينا أباك فعل ذلك من قبلنا، فأخذنا بمثله، فعب اباك بما بدا لك أودع) [1] .

و من محتوي رسالة معاوية هذه، نجد أنه كان يعرف لأمير المؤمنين عليه السلام فضله و حقه، غير أنه عندما وجد أنه قد استبعد عن هذا الحق من قبل أناس ربما كان معاوية يراهم أقل فضلا و شرفا منه، و رغم الفضل الذي كان يقر به الجميع لأمير المؤمنين، وجد أن الفرصة سانحة أمامه أيضا لينال نصيبا من الغنيمة، و ادعاء الأمر لنفسه و الوثوب علي كرسي الخلافة و التمهيد لكي يبقي الكرسي في أسرته بعد ذلك، طالما أن المسألة قد أصبحت رهن اشارته و توطدت له الأمور في النهاية، و استطاع اخضاع الأمة، و جرها للاستسلام و الركوع أمامه.


پاورقي

[1] مروج الذهب 16 / 3.