بازگشت

الحوراء زينب بطلة كربلاء


كانت زينب وحدها المؤهلة لقيادة الموقف و السيطرة عليه بعد استشهاد الحسين و أهله و أصحابه، لأن مرض الامام زين العابدين عليه السلام كان شديدا لدرجة منعته من المشاركة في القتال، و ربما كان ذلك هو الذي منع الأعداء عن قتله، كما أنه بقي عليلا لفترة من الوقت احتاج فيها لرعاية عمته، التي كانت تعي الموقف برمته، و قد عاصرت مختلف الأحداث العاصفة و الرهيبة من قبل.

و متي ما أدركنا أنها كانت نتاج تربية أميرالمؤمنين عليه السلام، و أنها كانت تتمتع بالوعي الرسالي و الادراك و العلم الذي تلقته من مصدره الصحيح، أدركنا أيضا أن غيرها ما كان ليقدر علي القيام بالمهام العديدة التي أخذتها علي عاتقها القيام بها و منها الحفاظ علي النساء و الأطفال و القيام بمهمة الاعلام المضاد لدولة الانحراف الأموية اليزيدية، و قد نجحت حقا بلفت الأنظار الي قضية الحسين عليه السلام كقضية للأمة المسلمة، و أن الحسين عليه السلام انما كان يدافع عنها و يحرص علي وجودها كأمة اسلامية، لا كأمة دون هوية و دون رسالة كبيرة، كرسالة الاسلام التي حملتها ثم أرادت القيادات المنحرفة لها أن تتخلي عنها.

حاولت زينب رغم معرفتها بالعدو و شراسته و تعطشه للدماء و القتل، منعه من الاقدام علي جريمة ذبح الحسين عليه السلام بعد أن سقط مثخنا بالجراح، و هو يجود بنفسه، و قد حاولت اثارة نخوة عمر بن سعد الميتة بقولها له:

(يا عمر بن سعد، أيقتل أبوعبدالله و أنت تنظر اليه). [1] .

غير أن هذا القائد المتخاذل لم يجد في نفسه الجرأة علي منع جنده من ارتكاب الجريمة، خصوصا و أن شمر كان علي رأس فئة منهم كانت تريد تنفيذها بأيديها


و بأسرع وقت، و لم يملك سوي أن يصرف وجهه عن المشهد المروع و ربما لم يتمالك دموعه من أن تسيل علي وجهه و لحيته، كما روت لنا بعض كتب التاريخ، و أدرك عظم الجريمة التي كانوا يقدمون علي ارتكابها.

و اذ أنها لمست فيه الضعف و عدم القدرة علي الاستجابة لطلبها، فأنها توجهت الي من كانوا يحيطون بالحسين عليه السلام مؤنبة:

(و يحكم، أما فيكم مسلم، فلم يجبها أحد). [2] .

و لسنا بحاجة لذكر ما جري علي النسوة و الأطفال بعد ذبح الحسين عليه السلام و انتهاء المجزرة، و قد تحدثنا عن ذلك من قبل.

الا أننا لابد أن نري موقف زينب عليه السلام الواضح لمنع تشتت النسوة و الأطفال مع أن حالات متفرقة قد حدثت و فر فيها أطفال وجدوا ميتين أو قتلوا بعد ذلك كما كان دورها واضحا لتهدئتهم و منع المزيد من التجاوزات و الاعتداءات عليهم.

لقد وجدت زينب في نفسها القوة للاستجابة لأوامر أخيها الحسين عليه السلام، فلم يك هو من ينبغي خمش الوجوه و شق الجيوب عليه، مع أنه كان أجدر الناس بالبكاء عليه، اذ قدم نفسه و هي أعز النفوس و أكرمها علي الله في سبيل دينه، و في سبيل كل أجيال هذه الأمة المضللة المظلومة.

فالاستجابة للفاجعة ينبغي أن تكون بمستوي الحدث الكبير الذي قدم فيه الحسين روحه قربانا من أجل الاسلام، و الحزن ينبغي أن يكون هادئا وقورا ينسجم مع الحزن الكبير الذي حمله الحسين عليه السلام و هو يري هذه الأمة تساق سوقا للانحراف و التخلف و الشرك.


پاورقي

[1] الطبري 334 / 3، و ابن‏الأثير 295 / 3، و أنساب البلاذري 203 / 3، و الخوارزمي 35 / 2، و النويري، نهاية الأرب 459 / 20، تراجع نفس المصادر.

[2] مقتل الحسين للسيد محمد تقي بحر العلوم ص 452 عن ارشاد المفيد.