بازگشت

انهم يعبرون الي الجنة


و كانت الساعة التي سبقت المنازلة تنطوي علي أمر له دلالته الكبيرة، فالحسين عليه السلام و أصحابه كانوا يبدون و كأنهم يعيشون حالة احتفالية خاصة، تغمرهم سعادة كبيرة، و لعل ساعة الشهادة تمثل لهم بداية تلك السعادة.

روي غلام لعبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري، أفلت من الموت بعد أن كان مع سيده الذي استشهد مع الحسين عليه السلام قائلا:

(أمر الحسين بفسطاط فضرب، ثم أمر بسمك فميث في جفنة عظيمة أو صفحة، ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلي بالنورة، و مولاي عبدالرحمن بن عبد ربه و برير بن خضير الهمداني علي باب الفسطاط تحتك مناكبهما، فازدحما أيهما يطلي علي أثره، فجعل برير يهازل عبدالرحمن، فقال له عبدالرحمن دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل، فقال له برير: و الله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شابا و لا كهلا، ولكني و الله مستبشر بما نحن لاقون، و الله أن بيننا و بين الحور العين الا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم، و لوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم، فلما فرغ الحسين دخلنا فاطلينا). [1] .

كانت تلك ساعة يعدون فيها أنفسهم للقتل و السلب، و كانوا يعلمون أنهم سيظلون مقطعي الرؤوس عراة أمام أنظار عدوهم، و كان من شأن تلك الأمور الاجرائية أن تخيف أشد الناس عزيمة لو كانوا غير الحسين عليه السلام، و أصحابه و تجعلهم حزينين غير سعداء، و اذ أن الأمر كان عكس ذلك، حتي أن بعضهم كبرير، لم يملكوا الا أن يعبروا عن فرحتهم الغامرة و استبشارهم بما هم ملاقوه ان هذا مشهد جديد آخر، يكمل مشاهد الصورة و يجعلها تامة الوضوح أمام أبناء الأمة جميعا حتي و ان ابتعدت المشقة و طال الزمن.



پاورقي

[1] الطبري 318 / 3، و تراجه المصادر السابقة.