بازگشت

العباس بن علي بن أبي طالب ساقي العطاشي


أصدر عبيدالله بن زياد أوامره الي ابن سعد ليحول بين الحسين و أصحابه و بين الماء، و لا يذوقوا منه قطرة علي حد تعبيره، و قد استجاب ابن سعد لتلك الأوامر، فبعث عمرو بن الحجاج علي خمسمائة فارس، فنزلوا علي الشريعة و حالوا بينهم و بين الماء أن يسقوا منه قطرة.

و كان من شأن ذلك أن يبث الخوف في نفوس أية جماعة أخري غير جماعة الحسين عليه السلام، غير أن مجموعة منهم بلغ عددهم ثلاثين فارسا و عشرين راجلا بقيادة العباس بن أميرالمؤمنين عليه السلام اقتحموا بناء علي أوامر الحسين عليه السلام السور الذي أقامه ابن الحجاج من فرسانه الخمسمائة، و ملئوا قربهم رغم محاولات منعهم، و قد ثم الأمر ليلا، و ربما كان مفاجئا لابن الحجاج و أصحابه، و استطاع العباس و رحاله انقاذ الوقف و تخفيف الضغط علي معسكر الحسين عليه السلام خصوصا و أن هناك من كانوا بحاجة ماسة للماء مثل النساء و الأطفال. [1] .

ان توقيت عملية الاقتحام و الشكل الذي تمت فيه حيث تمت منازلة بين الفريقين، استطاع فيه فريق العباس عليه السلام الصمود بوجه أعدائهم الذين يتفوقون عليهم بالعدد يدل علي رباطة الجأش و الثقة التي استطاع الامام عليه السلام غرسها في نفوس رجاله الذين أقدموا علي المنازلة و جلب الماء، و تدل علي دقة التوقيت الذي تم فيه ذلك، لأبن ابن الحجاج ربما لم يكن مستعدا لذلك الهجوم الطاري ء في الليل.


كما أن أمر هذا الهجوم لابد أن يكون مبعث تساؤل في معسكر ابن زياد كله، اذ أن منع الماء كان يراد به الضغط علي الحسين عليه السلام للاستجابة لشروط ابن زياد و وضع يده بيد يزيد، و اذ أنه ربما كان يتوقع ذلك، و ربما كان رجاله يبثون بين أفراد المعسكر أن الحسين عليه السلام لابد مستسلم لا محالة، يفاجئهم أصحاب الحسين عليه السلام بتلك الهجمة التي استطاعوا الحصول فيها علي الماء رغما عنهم، و هو أمر لابد أن يفعل فعله في جيش ابن زياد و يريهم أن هناك أناسا وطنوا أنفسهم علي الدفاع عن الاسلام ولو اقتضي الأمر الموت دون ذلك. ان الاستسلام آخر ما يطرأ علي بالهم، و يجعلهم يفكرون مجددا بالدوافع الحقيقية وراء ذلك الموقف، و ربما يعيدون النظر بمواقفهم المتخاذلة، خصوصا و أن أعدادا كبيرة منهم كانت متعاطفة مع الامام، الا أنها لم تجد في نفسها الجرأة علي مواجهة الارهاب و العنف الذي واجهتهم به الدولة الأموية.


پاورقي

[1] راجع المصدرين السابقين.