الحزم و الثبات الحسيني المغلف بأدب الاسلام
كان حزنه و ثباته و اصراره مغلفا بأدب الاسلام، و كان ملتزما بحدوده و قواعده حتي مع أشد الناس عداوة و ايذاء له.
قال له قيس بن الأشعث، الذي غدر أخوه بمسلم بعد أن أعطاه الأمان ثم لم يف له به، و آل الأشعث ذوو عداوة معروفة لآل البيت:
(أو لا تنزل علي حكم بني عمك؟ فانهم لن يروك الا ما تحب، و لن يصل اليك منهم مكروه.
فقال له الحسين:
أنت أخو أخيك. أتريد أن يطلبك بنوهاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟
لا و الله لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل، و لا أقر لكم اقرار العبيد. عباد الله (و اني عذت بربي و ربكم أن ترجمون) (و قال موسي اني عذت بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب).
ثم أناخ راحلته. و أمر عقبة بن سمعان فعقلها). [1] .
فقد كان مصمما علي التصدي لهم و الوقوف بوجههم، أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان فعقلها. قرر أن يثبت الي النهاية. و النهاية أمام عددهم الكبير بدت واضحة، فذلك ما بشر به و ذلك ما أعد له نفسه طيلة حياته.
كان مطلبهم الأخير منه، و بعد كل حججه و أقواله، الاستسلام.
و كان رده قاطعا أثبته بأن أمر بعقل الجمل.
أما مع ابن الأشعث، فلم يهدد أو يتوعد أو يشتم شأن من أيقن بالخسارة أو الهلاك و يريد أن يعوض عن ذلك بجعجعة من القول أو عاصفة من التهديد، و انما ذكره بموقف لآل الأشعث غادر، يتكرر الآن معه، و بحيلة لن يفوته ادراكها، و كان حريا بابن الأشعث أن يخجل و يطأطي ء رأسه، غير أنه ظل الطواغيت الأمويين
الذين أشبعوا حتي أتباعهم و مستخدميهم ضروب الاهانات و الشتائم، لم ير في كلمة الحسين عليه السلام اهانة له، و ذهب بعد ذلك الي حد سلب قطيفته فأصبح يلقب في الكوفة بقيس قطيفة، كل ذلك و لا يأنف، و يحسب نفسه من أشراف المسلمين و كبارهم طالما كان في خدمة الدولة الظالمة.
پاورقي
[1] الطبري 319 / 3، و النويري 442 / 20، و ابنالأثير 288 / 7، و الخوارزمي 257 / 1، و الارشاد 248، و جمهرة خطب العرب 46 / 2، و البلاذري 188 / 3.