مع الفرزدق
و قد روي لنا الفرزدق الشاعر قصة لقائه بالحسين عليه السلام في (الصفاح) بعد خروجه من مكة، و سؤاله اياه عما دعاه للخروج منها و جواب الحسين عن سؤاله،
و قد لفت نظر الفرزدق أمرا ذكره قائلا:
(قال لي «الحسين»: من أنت و من أين أقبلت؟
قلت: امرؤ من العرب أقبلت من الكوفة. فلا و الله ما فتشني عن أكثر من ذلك). [1] .
فمادام الفرزدق لم يرغب باعلان هويته، فان الحسين عليه السلام لم يشأ اعادة السؤال عليه ثانية، و كان من حقه أن يعرف محدثه، غير أنه لم يفعل ذلك و استمر في حديثه معه و أجاب عن أسئلته بخصوص أشياء من نذور و مناسك.
و لو أن شخصا آخر غير الحسين عليه السلام، كان في ذلك الموقف، لما اكتفي من محدثه بقوله انه امرؤ من العرب، فلعل ذلك كان واضحا في قوله و بيانه، ولكان حذرا و لما أطال الحديث معه، أما الحسين عليه السلام فقد رأي بحسه المرهف و أخلاقه العالية أن محدثه يشعر بالاحراج من كشف هويته فاكتفي بجوابه، و هو ما لا يفعله غيره في ذلك الموقف أو في غيره من المواقف الأخري المشابهة.
پاورقي
[1] الطبري 296 / 3، و النويري 410 / 20، و ابنالأثير 276 / 3، و ابنکثير 166 / 8، و الصواعق المحرقة، ابنحجر ص 118.