بازگشت

دلالات حرص الحسين علي اشتراك أي فرد من الأمة في ثورته


و كان انضمام شخصه فرد اليهم يشكل بنظرهم مكسبا كبيرا لا يستهان به، اذ أن من ينظم اليهم كان يبدو أنه بسبيل تقديم تضحية لا يقدر عليها الآخرون، و هو ما جعل لذلك قيمة كبيرة، اذ أن في ذلك اعلان أن هناك من لا يزال يري قيمة الاسلام العليا و حسب، و لا يري أية قيمة لأية مبادي ء أو تطلعات أخري، مهما ادعت القرب من الاسلام و يري أن التضحية في سبيل هذه القيمة هينة مهما بلغت، و من هنا جاءت دعوة الامام عليه السلام و دعوة أصحابه بعض من التقوا بهم للالتحاق بهم، اذ أن الرقم الفرد ستكون له قيمته الكبيرة نظر الأمة فيما بعد، اذا ما التحق بوعي بالمسيرة المظفرة للمدافعين عن الاسلام من أصحاب الحسين عليه السلام، و أبدي استعداده لتقديم التضحية اللازمة.

روي الطرماح بن عدي أنه:

(دنا من الحسين فقال له: و الله ان لأنظر فم اري معك أحدا، و لو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين أراهم ملازمينك لكان كفي بهم، و قد رأيت قبل خروجي من الكوفة اليك بيوم، ظهر الكوفة و فيه من الناس ما لم تري عيناي في صعيد واحد جمعا أكثر منه، فسألت عنهم، فقيل: اجتمعوا ليعرضوا، ثم يسرحون الي الحسين، فأنشدك الله ان قدرت علي ألا تقدم عليهم شبرا الا فعلت). [1] .

فها هو منظر يستعرضه الطرماح بن عدي أمام الحسين عليه السلام، و فيه يبدو موت الحسين المؤكد و أصحابه ان هم قدموا الكوفة، و مع ذلك فان الحسين لا يستجيب لنصيحة الطرماح و يقرر اكمال مسيرته، رغم أنه عرض عليه أن يدعو مقاتلي قبيلته طي ء و هم عشرون ألف طائي يضربون بين يديه بأسيافهم علي حد قوله،

و مع ذلك فان الطرماح عندما و دعه و قال له أنه قد امتار لأهله من الكوفة ميرة، و معه نفقة لهم و أنه سيأتيهم فيضع ذلك فيهم ثم يعود ليكون من أنصاره، سر الحسين عليه السلام و قال له:

(فان كنت فاعلا فعجل رحمك الله). [2] .

و هنا يلتبس الأمر علي الطرماح، الذي ذهب الي أهله، ثم عاد ليلتحق بالحسين عليه السلام فوجد أنه قد قتل، ليقول لنا بعد ذلك:


(فعلمت أنه مستوحش الي الرجال، حتي يسألني التعجيل). [3] .

لقد فات الطرماح حقيقة موقف الحسين عليه السلام، فكيف يستوحش الي الرجال من يقدم علي الجموع المعبأة لقتاله؟ أما أكان أحري به أن يلجأ معه الي قومه من طيئي يضربون بين يديه بأسيافهم و يتفادي جيوش ابن زياد؟

لم يكن أصحاب الحسين عليه السلام قليلين بنظره، فكل منهم يشكل داعية كبيرا للاسلام، و يشخص أمام الأمة رسولا من رسله الذين ساروا خلف الرسول الأعظم محمد صلي الله عليه و آله و سلم منذ أن بدأ دعوته و قريش كلها تناجزه و تناصبه العداء، و اذ لم ير الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم في علي طفلا و في خديجة مجرد امرأة ضعيفة، و في ياسر و سمية شيخين عاجزين و في بلال عبدا رقيقا، بل رأي أنهم سيكونون النواة القوية لأمة الأسلام كلها، كذلك لم ير الحسين عليه السلام في أي شخص من أصحابه امرءا يمكن الاستغناء عنه، بل رأي أنهم مكملون لركب الرسالة الأول، الذي بدا ضعيفا بنظر قريش و أعداء الاسلام، و رأي أن أي شخص يلتحق من أصحابه امرءا يمكن الاستغناء عنه، بل رأي أنهم مكملون لركب الرسالة الأول، الذي بدا ضعيفا بنظر قريش و أعداء الاسلام، و رأي أن أي شخص يلتحق عن قناعة و فهم بركبه سيكون عنصر قوة اضافية لتلك النواة التي بناها الرسول صلي الله عليه و آله و سلم. و من هنا كان حرصه علي نصيحة من يستشف أنهم قد يكونون مؤهلين للمسير معه و المساهمة بثورته.


پاورقي

[1] الطبري 308 / 3.

[2] الطبري 308 / 3.

[3] المصدر السابق.