بازگشت

اصحاب الحسين يتخذون قرار المشاركة في المعركة بكل حرية و وعي


كان قرار أصحاب الحسين عليه السلام واضحا و قاطعا، و كان قولهم بعيد اللحظات التي أعدهم فيها الامام لمواجهة الموقف و دراسته و تأمله، يبدو قرار لا رجعة فيه.

فهم قد فكروا و تدبروا و تأملوا جيدا و بدا أمامهم صواب موقف الامام و نهجه، و لن يعود بوسع أحد أن يقول أنهم سيترددون لحظة واحدة في الدفاع عن الحسين و قضيته و الموت دونه، و هذا ما عبرت عنه أجوبتهم التي ان حفلت بالعاطفة و الولاء، فهي عاطفة الولاء للاسلام، و ممثله الحقيقي الذي كان يشخص أمامهم، و هو الحسين عليه السلام الذي كان يسعي لتقديم نفسه فداء لهذا الاسلام.

هذا ما ظهر أمامهم واضحا، بل خارق الوضوح، فكيف لم تر الأمة كلها ما رأوه هم؟ و أية غشاوة كبيرة وضعت أمام أعين أبنائها لكي لا يدركوا الهدف الواضح كالشمس من هذه النهضة الكبيرة؟

هل كانت أجوبة أولئك الأصحاب تعبر عن ولاء جنود لقائد مهزوم طالما أحبوه و حاربوا تحت لوائه، أم أنها تعبر عن ولاء أبعد من الولاء الفردي المجرد، أنه الحب الكبير لله و لرسوله صلي الله عليه و آله و سلم و لدينه؟

و لو أن الكلمات بقيت وحدها دون فعل حقيقي يعبر عنها، لما كان لها أي وقع، و لما عدنا نرددها و نعجب بها و نتمني أن نوفق للوقوف موقف أصحابها، لكنها كلمات قرنت بالفعل الجاد الحازم، و من هنا يبدو سر قوتها و نفاذها و تأثيرها الي يومنا هذا.

كان اعداد الامام لأصحابه لتقبل أصعب المواقف و أشقها في سبيل الاسلام، يبدو أمرا مدروسا و موضوعا بعناية، فموقفهم و هم يدعون الآخرين للالتحاق بهم لا يشكل حالة سلبية بل يشكل أمرا ايجابيا، فالدعوة تحتاج الي من يتبناها و يدافع عنها و يدعو لها بوضوح و هو ما فعلوه بالضبط، و اذ لم يروا أنفسهم قلة، فان الحسين عليه السلام لم يرهم كذلك، كما أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم من قبل لم ير أصحابه القليلين الأوائل كذلك من قبل.