بازگشت

ويحكم، أفتطلبوني بقتيل منكم، أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص من جراحة


أكان الأمر هكذا؟ أم أنه جاء لانقاذهم من القتل و حماية أنفسهم و أموالهم من الدولة الغاشمة التي أرادت أن تتلاعب بهم و بمقدراتهم؟

لا شك أن هذا هو ما جاء من أجله. و هم يعلمون ذلك، غير أنهم لا يملكون التصريح بما كانوا يعلمونه حقا.

و هكذا سكتوا (فأخذوا لا يكلمونه).

و ما عساهم أن يقولوا و قد خافوا السيف المسلط علي رؤوسهم، و قد شلت ارادتهم و جعلتهم الدولة أداة بيدها تضرب بعضم ببعض.

كانوا يعلمون أنهم سيف الدولة التي تضرب به، و أنهم جلادها و ضحيتها أيضا، لم يكونوا قادرين علي اختراق نطاق الخوف الذي أقاموه حولهم، و لم يجل ببالهم أنهم اذا اتحدوا، بل اذا اتحدت عصبة قليلة منهم، فان أعوان الدولة و أجهزتها ستنهار كلها و لم يكون بامكان أحد التغلب عليهم.

كان خوفهم أكبر من ايمانهم، و كان حرصهم علي المكاسب الضئيلة التي يتوقعون الحصول عليها في ظل دولة الاسلام العادلة لهم و لأولادهم و لكل الأجيال من بعدهم، و المكاسب الكبيرة الدائمية في يوم الجزاء.

كانوا يعلمون ذلك، غير أنهم كانوا يدركون أنهم معزومون ضعاف، لا قدرة لهم علي الوقوف في صف الحسين عليه السلام، و لقد تجاوزهم أصحابه بمراحل عندما تغلبوا علي كل المخاوف و الأطماع و النزعات الأرضية المتدنية، و عندما تبنوا قضية كل الأمة المظلومة المسلمة.