بازگشت

مشاركة القائد الأسوة للأمة في مسؤولياتها


و قد خطب في أصحاب الحر قائلا:

(انكم ان تتقوا الله، و تعرفوا الحق لأهله، يكن أرضي لله، و نحن - أهل بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم - أولي بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالجور و العدوان.

و ان أبيتم الا الكراهية لنا و الجهل بحقنا، و كان رأيكم - الآن - علي غير ما أتتني به كتبكم و قدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم). [1] .

و خطب فيهم و في أصحابه ثانية قائلا:

(و أنا أحق بهذا الأمر ممن غير، فان تممتم علي ببيعتكم، تصيبوا رشدكم، و أنا الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، نفسي مع أنفسكم، و أهلي مع أهليكم و أولادي مع أولادكم و لكم في أسوة). [2] .

انه يذكرهم - بخطبتيه هاتين - بمقامه و منزله من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و بمسؤوليته التي تحتم عليه أن يكون أول متصد لتغيير الظالمين و أبعادهم عن مركز القيادة، و دعوة الجميع لمشاركته هذه المسؤولية، و هو لا يجد حرجا بدعوتهم صراحة الي نفسه، لا لأنه سيجني من ذلك مكاسب شخصية له و لعائلته، بل لأنه الممثل الحقيقي لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و للاسلام، و المؤهل الوحيد القادر علي انقاذهم من دولة الجور و العدوان، و يكشف حوار وحيد ممتع بينه و بين ابن الحر الجعفي الذي لم يشأ الالتقاء به خوفا من أن يدعوه لنصرته عن طبيعة الناس في ظل دولة الظلم.

فقد دعاه الحسين عليه السلام لنصرته و قد دخل عليه فسطاطه قائلا:

(يا ابن الحر ان أهل مصركم هذا كتبوا الي: انهم مجتمعون علي نصرتي،


و سألوني القدوم عليهم، و ليس الأمر علي ما زعموا، و أن عليكم ذنوبا كثيرة، فهل لك من توبة تمحو بها ذنوبك؟

قال ابن الحر: و ما هي يابن رسول الله؟

فقال الحسين: تنصر ابن بنت نبيك و تقاتل معه.

قال: ابن الحر اني لأعلم أن من شايعك كان سعيدا في الآخرة، ولكن ما عسي أغني عنك، و لم أخلف لك بالكوفة ناصرا، فأنشدك الله أن تحملني علي هذه الخطة، فان نفسي لا تسمح بالموت، ولكن فرسي هذه فاركبها.

فقال الحسين عليه السلام: أما اذا رغبت بنفسك عنا، فلا حاجة لنا في فرسك و لا فيك، (و ما كنت متخذ المضلين عضدا)، ولكن فر فلا لنا و لا علينا، فوالله لا يسمع و اعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الا أكبه الله علي وجهه في نار جهنم). [3] .

كان ابن الحر يعرفه و يخاطبه بابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و قد دعاه الحسين عليه السلام للتوبة و نصرته و القتال معه هو (ابن بنت نبيه)،

و مع أن ابن الحر - كما صرح - كان علي قناعة تامة بأن من يقف مع الحسين عليه السلام سيكون سعيدا في الآخرة - فان ثمن ذلك، و هو الموت، أمر لم يجد ابن الحر نفسه مطيقا اياه، و يؤكد الحسين عليه السلام أمرا: اذا رأيتنا نقاتل، و ندعو المسلمين لنصرتنا و لم تفعل ذلك، أكبك الله علي وجهك في نار جهنم، اذ أن تخليك عنا في هذا الظرف الدقيق يعني تخليك متعمدا عن الاسلام، و هو أمر له حسابه العسير فيما بعد.

ان دعوته ابن الحر لنصرته هي دعوة للناس جميعا لكي ينصروه و ينصروا قضيته و ثورته.


پاورقي

[1] الطبري 306 / 3، و النويري 20 ص 419، و ابن‏الأثير 280 / 3، و البلاذري، أنساب الأشراف 171 / 3 و الخوارزمي ج 1 ف 11.

[2] 306 / 3، و النويري 20 ص 419، و ابن‏الأثير 280 / 3، و البلاذري، أنساب الأشراف 171 / 3 و الخوارزمي ج 1 ف 11.

[3] الطبري 309 / 3، و ابن‏الأثير 282 / 3، و البغدادي خزانة الأرب 298 / 1، و الخوارزمي 1 ف 11، و البلاذري 174 / 3، و الدينوري ص 249، و الأمالي: م 30، و الارشاد ص 209، و الفتوح ج 5 ص 130.