بازگشت

اعلي قتلي تحاثون


لقد كان يريهم أنهم عندما يقبلونه فانما يقبلون أنفسهم، لأنه امامهم و قائدهم الشرعي الوحيد الذي يحرص علي مصالحهم و مستقبلهم، و ان الدولة ستستغل قتله علي أيديهم لكي تتمادي بعد ذلك و تتجرأ علي الأمة كلها و تستبد و تستعبدها الي الأبد.

كان يري أن قتله كان محتما مادام يقف بوجه مشاريع دولة الظلم غير المشروعة، الا أنه كان يحزن علي أولئك الذين ينفذون هذه الجريمة بأيديهم، مع أنهم لا يستفيدون من ذلك، و يري أن ما سيلحقهم جراءها سيكون عذابا دائميا في الدنيا و الآخرة.

حيث سيستمر سفك دمائهم و تفرقهم و خلافهم الي الأبد، و كان لا يريد أن تتلوث أيديهم بالجريمة في سبيل طاغية واحد يريد الاستئثار بكل شي ء لنفسه.

لقد وقف وحيدا بمواجهتهم، و كان عليه السلام (يقاتل علي رجليه قتال الفارس الشجاع، يتقي الرمية، و يفترص العورة، و يشد علي الخيل و هو يقول: أعلي قتلي تحاثون، أما و الله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله، الله أسخط عليكم لقتله مني، و أيم الله اني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. أما و الله لو قد قتلتموني، لقد ألقي الله بأسكم بينكم و سفك دماءكم ثم لا يرضي لكم حتي يضاعف العذاب الأليم). [1] .

فما عسي أن يحل بهذه الأمة اذا ما أقدمت علي قتل امامها و قائدها الشرعي، و أكرم مخلوق علي هذه الأرض بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، لقد أقدم أولئك الذين عرفوا منزلته و مكانته من جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من الاسلام، و نفس أولئك الذين سار آباؤهم و اخوانهم بل و بعضهم أيضا خلف أميرالمؤمنين عليه السلام لحرب رأس هذه الدولة الظالمة التي يدافعون عنها الآن و يرفعون السيف بوجه من يريد انقاذهم


و تخليصهم منها، فهل سيرون حرمة لأحد من عباد الله اذا ما أقدموا علي قتل أكرم الناس و أشرفهم و أقربهم من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، أم أنهم سيتمادون فلا يرون لأحد حرمة و سيكونون في مقدمة الذين ستحرقهم النار الأموية الحامية؟


پاورقي

[1] الطبري 334 / 3، و قد ورد خطابه بصيغة أخري مغايرة قليلا لما ذکره الطبري (يا أمة السوء، بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما انکم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله، فتهابوا قتله، بل يهون عليکم ذلک عند قتلکم اياي، و أيم الله اني لأرجو أن يکرمني الله بالشهادة، ثم ينتقم لي منکم من حيث لا يشعرون، يلقي بأسکم بينکم، و يسفک، دماءکم، ثم يصب عليکم العذاب الأليم). الخوارزمي 2 ص 34، و مقتل العوالم ص 18، و نفس المهموم للقمي ص 189.