بازگشت

الامام الحسين مثال القائد البارع الذي حقق كل أهدافه


و يمكن القول - علي ضوء المعلومات التاريخية المتطابقة، و التي أوردها مؤرخون لا ينحازون جميعا للامام، بل لعل بعضهم يؤيد المسار العام للحكم الأموي كابن كثير مثلا - ان الامام الحسين عليه السلام كان قائدا بارعا و قد حقق كل الأهداف المرجوة لثورة مع أن الظرف عموما لم يكن لصالحه و امكاناته من حيث عدد الأعوان


و السلاح كانت محدودة جدا، و يبدو من خلال خطبة و توجيهاته و ادارته لحظة القتال، و حتي ترتيب معسكره و تعامله مع أصحابه و أعدائه و ناصحيه و محذريه ان اداءه كقائد لفئة مقاتلة محدودة و قائد للامة كلها، كان محسوبا و مدروسا و متوازيا و متوحدا، في كل مراحل مسيرته و حتي استشهاده، و لم يشذ أي موقف من مواقفه عن بقية المواقف الأخري في أية مرحلة، فكأن ساعة الصفر الحاسمة للقتال بدأت في المدينة في أول يوم طولب فيه بمبايعة يزيد، و استمرت مناوشاته مع الدولة حتي آخر لحظة من حياته في الطف و يمكن الجزم أن قيادة الامام الحسين عليه السلام للمعركة منذ اليوم الأول لبدئها - أي منذ رفضه مبايعة يزيد في حياة معاوية و بعد هلاكه كانت مسددة بفعل الهي، جعلت منها معركة مكملة لمعارك جده صلي الله عليه و آله و سلم و أبيه و أخيه عليه السلام ضد قوي البغي و الانحراف التي بدأت تتسلط علي الأمة و تفرض وجودها و تأثيرها، اذ ما سيكون تأثير قتله - بعد الفعل الاعلامي المضلل لدولة أمية لمحو ذكر آل البيت عليه السلام - علي الأمة التي أريد لها أن تتناساهم بل و تسبهم و تحذفهم نهائيا من قاموس قادتها الاصلاء و تذكرهم علي أنهم أعداؤها الرئيسيون؟

و مع ذلك رأينا ذلك الدوي المثير الذي صاحب ذلك القتل و جعل الأمة تلتفت بشكل ملحوظ الي ذلك الانحراف المثير و الخطير الذي أو غلت فيه دولة الأمويين، و تلتفت الي خطئها عندما استسلمت للتيار الأمور و انساقت معه لتنفيذ مخططاته الشديدة ضد الاسلام، ثم تعمل بدأب بعد ذلك لمقاومة هذا التيار و شن الحرب عليه، و الالتفات بعد ذلك لكل تيار مشابه و رصده و محاولة منعه من الانحراف، و هكذا رأينا سلسلة الثورات و الانتفاضات التي حدثت بعد ذلك و لا تزال تحدث حتي اليوم، و التي جعلت الحكام برغمهم ينتبهون لخطرها، و مع أنهم قاوموها بشدة و بذلوا جهودهم لافشالها الا أنهم رأوا في المقابل أنهم لا يستطيعون التمادي بانحرافهم و كشف أنفسهم أمام الأمة، و علموا علي تحسين مظهرهم بادعاء الحرص علي الاسلام و الابتعاد عن الممارسات المكشوفة التي كانت تتم في عهد يزيد و خلفائه الأمويين. لقد جعلت ثورة الحسين عليه السلام الحكام المنحرفين يحسبون حسابا للأمة و قيادتها المتمثلة بآل البيت عليه السلام، و خطهم الرسالي الصحيح، و يبذلون جهدهم للتعايش مع الاسلام مادام الأمر يتيح لهم في النهاية البقاء علي سدة الحكم. فأصبح كل حاكم يري في الاسلام قوة حقيقية و ليست رمزية، يهاب المساس بها علنا، و ذلك ما أعاد الثقة ثانية الي النفوس المهزومة و المستسلمة بقدرة هذا الدين علي قيادة الحياة


قيادة فعلية و جعلها حياة سعيدة علي هذه الأرض مثلما ستكون كذلك في الدار الآخرة. صحيح أن الدولة الأموية تمادت في انحرافها و استهتارها الي أبعد حد - بعيد مقتل الحسين عليه السلام، و لعلها فعلت ذلك لاشعار نفسها بأنها انتصرت حقا و أسقطت الي الأبد آخر الاستحكامات التي وضعها الرسول صلي الله عليه و آله و سلم لحماية أمته، و هم آل بيته أنفسهم، و أنها اذا أقدمت علي قتلهم و هم أعز الناس و أشرف الناس، فأنها لم تعد تري بعد ذلك حرمة لأي مسلم آخر، الا أن ما نزل براس هذه الدولة يزيد، بعد انغماس مفطر في الشهوات و الملذات، و ما نزل ببعض خلفائه من الفرع الثاني للبيت الأموي آل مروان نتيجة عبثهم و استهتارهم، جعل الكثيرين حتي من رموز هذه الدولة نفسها يتحاشون القيام بما قام به يزيد و بعض (الخلفاء) الأمويين و يدركون أن المظهر المتطرف للترف الذي أخذوا به أنفسهم سيكون سببا للقضاء عليهم و يتحاشون التعرض للاسلام و قيمه بتلك الغلطة و ذلك الاستهتار الذي عرف به أسلافهم، و يدركون أن الاسلام هو قوة حقيقية فعلا، و أن هناك من يؤمن به حقا و يجعله فوق كل اعتبار أو مبدأ آخر.