بازگشت

حملة التبريرات لجرائم يزيد ضد الاسلام و المسلمين


اننا حين نبرر لحاكم فاسق أفعاله، نتيح لكل الحكام الفسقة فيما بعد التمادي في سلوكهم البعيد عن الاسلام و نتحمل مسؤولية الانحراف علي مدي التأريخ.

لقد راح البعض يبررون ليزيد أعماله، و يتلقفون الأحاديث المزورة و الموضوعة علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم ليستخدموها في عملية الترقيع المشينة لكل أبطال الانحراف في


سلوكهم و أخطائهم، ليجعلوا أبناء الأمة أمام العشرات من المغالطات المضحكة و الأكاذيب و التلفيقات التي من شأنها أن تربكهم و تشوش تفكيرهم و تصوراتهم و تبعدهم عن التصورات الاسلامية الصحيحة. [1] .

كيف يمكن تبرير الأعمال التي قام بها يزيد مع أنه كان خليفة علي المسلمين، و أقلها ترك الصلوات و شرب الخمور.

مع أنه حشر في القرن الذي تلا قرن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم حسب الحديث المنسوب اليه، و لعله وضع خصيصا ليشمل يزيد، ولكي يمكن تبرير المذابح التي قام بها في كربلاء و المدينة، و رمي الكعبة بالمنجنيق الأحجاز.

لنستمع ثانية الي أحد هذه التبريرات حول غزوة المدينة و اباحتها و هتك أعراض نسائها:

(و أما ما يذكره بعض الناس من أن يزيد لما بلغه خبر أهل المدينة، و ما جري عليهم عند الحرة من مسلم بن عقبة و جيشه، فرح بذلك فرحا شديدا، فانه كان يري أنه الامام، و قد خرجوا عن طاعته، و أمروا عليهم غيره، فله قتالهم حتي يرجعوا الي


الطاعة و لزوم الجماعة، كما أنذرهم بذلك علي لسان النعمان بن بشير و مسلم بن عقبة كما تقدم، و قد جاء في (الصحيح): (من جاءكم و أمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان). [2] .

و هو حديث موضوع آخر أريد به تبرير الارهاب الأموي، و ما تزال دول الارهاب المتسترة باسم الاسلام و التي تعمد الي ادعائه دينا رسميا لها، تلجأ اليه للقضاء علي أعدائها و معارضيها.

هل يري أحد، كما كان يري من ربطوا أنفسهم بأنظمة الجور و الظلم، أن يزيد كان امام الأمة المعين أو المنتخب؟ و علي فرض صحة ذلك، و عندما وصله عمل مسلم بن عقبة بالمدينة و اباحتها و هتك أعراض نسائها و مبايعة أهلها له علي أنهم عبيد ليزيد، فهل اعتبر أن عمله ذلك كان لازما و ضروريا لكي يذهب الي ذلك المدي من (التأديب)؟ الم يكفه قتل من قاتلوه و القضاء عليهم و حسب؟ و هل فعل أحد قبله ما فعله ليقول أنه كان يسير علي سنة من سبقه. [3] .

أم أن هذه سنة جديدة أراد بها تثبيت دولته بعد أن لم يجد في نفسه كفاءة أبيه، و افتقد الوسائل التي كان يلجأ اليها ذلك الأب الماكر من قبل؟

و قد وجد من جاءوا بعد يزيد أنها سنة فاعلة تتيح لهم القضاء علي أعدائهم و اسكات معارضيهم و تثبيت عروشهم فاعتمدوها كأسلوب حاسم سريع يتيح لهم تحقيق أهدافهم و أطماعهم، و من هنا كان السكوت عنها و الترويج لها.

هل يستطيع أحد أن يؤكد أن يزيد لم يوص ابن عقبة بفعل ما فعله مع أهل المدينة؟ و ماذا كان معاوية يتوقع. عندما أوصي قبيل وفاته أن ترمي المدينة بابن عقبة اذا ما ثارت عليه؟

و هل أن يزيد قد سمع كما سمع غيره بما فعل ابن عقبة بالمدينة، و أنه لم يفعل شيئا سوي الاعراب عن سروره و فرحته لأنه كان يري أنه الامام و أنهم قد خرجوا


عليه؟ و هنا فان المبرر له هو الحديث الذي وضعوه له و لأمثاله عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ليسلطه سيفا علي رقاب الناس و ليسكت به كل حركة معارضة فيما بعد.


پاورقي

[1] مقدمة ابن‏خلدون ص 241 (السلف من الصحابة و التابعين، خيار الأمة. و اذا جعلناهم عرضة للقدح فمن الذي يختص بالعدالة و النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم مرتين أو ثلاثا ثم يفشو الکذب، فجعل الخيرة، و هي العدالة مختصة بالقرن الأول و الذي يليه، فاياک أن تعود نفسک أو لسانک التعرض لأحد منهم، و لا يشوش قلبک بالريب في شي‏ء مما وقع منهم، و التمس لهم مذاهب الحق و طرقه ما استطعت، فهم أولي الناس بذلک، و ما اختلفوا الا عن بينة، و ما قاتلوا أو قتلوا الا في سبيل جهاد و اظهار حق. و أعتقد مع ذلک أن اختلافهم رحمة لمن بعدهم من الأمة ليقتدي کل واحد بمن يختاره منهم، و يجلعه امامه و هاديه و دليله. فافهم ذلک و تبين حکمة الله في خلقه و أکوانه. و اعلم أنه علي کل شي‏ء قدير) المقدمة 241. و يدل هذا الکلام علي أن الأجيال الأولي من المسلمين کلها تتساوي في خيرتها و عدالتها و من المفهوم أن هذه الأجيال تمتد حتي الفترة التي عاش فيها يزيد، لذلک فهو مشمول بحديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و هو من الأخيار العادلين، أما نزاعهم، فان علينا أن نجد مبرراته و لا نکون في شک منه، فکلهم تحري الحق، و حتي (الفاسق) منهم فعل ذلک بعد أن اجتهد، و ان اختلافهم (و يتضمن ذلک تقاتلهم) رحمة مادمنا سنختار من يکون امامنا و هادينا و دليلنا سواء أکان الحسين عليه‏السلام أو يزيد و هذا کلام مضلل و موضوع بعناية و يتبني الأحاديث المزورة التي ظهرت في عهد معاوية.

[2] ابن‏کثير 227 / 8.

[3] عمد معاوية الي أسلوب القتل و الارهاب الا أنه لم يذهب الي المدي الذي ذهب اليه يزيد. غير أنه مهد لذلک قبيل وفاته اذ وصي بانفاذ عبيدالله الي الکوفة و ابن عقبة الي المدينة اذا ما حصل و ثارتا علي يزيد.