بازگشت

ماكنة الاعلام الأموية لم تتوقف بعد معاوية اكذب تي يصدقك الناس


كانت تلك الأكذوبة جديرة بمعاوية، و لعل يزيد أراد هنا أن يتقمص شخصية والده و أراد أن يضحك علي ذقون الناس و يوهمهم أن الحسين عليه السلام كان مستعدا للتصالح معه و مبايعته، معني ذلك أن الحسين عليه السلام قد أدرك (خطأ موقفه) السابق و أراد تداركه، ولكن بعد فوات الأوان، حينما (ضيع) عليه ابن زياد هذه الفرصة (الثمينة)..!.

و لعله كان بذلك يريد تهدئة من استفزه و أثاره قتل الحسين، و هكذا كانت تصريحاته بأنه كان سيقنع منه باحدي الخصال التي ذكرها ابن سعد (المصدر الوحيد لهذه الأكذوبة)، و أنه ما كان ليقتله لو أن الفرصة قد أتيحت له و حضر الي الشام و بايعه.

لقد رأي يزيد نذر الثورة و الغضب تتجمع فوق عرشه و تكاد تصعف به - كما سنري عند دراسة نتائج هذه الثورة فيما بعد - بعون الله.

و لم يكن شعور الندم المصطنع علي هذه الجريمة نابعا من احساس عميق بالجزاء الذي سيلقاه من الله بعد ذلك، فهو لا يؤمن بذلك بالتأكيد. و لم يكن نابعا من احساس انساني كبير بجريمة ارتكبت في عهده و في ظله فاستنكرها، لأنه كان ممثلا لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و كان جديرا به أن تسود العدالة و الحق في حكمه بحكم موقعه، و انما لأنه رأي عوامل السخط و الغضب و الكراهية و التمرد تلوح حتي في وجوه بعض المقربين منه.

لقد كانت الجريمة و صحة كبيرة في جبين أولئك الذين ارتكبوها، و كانت تعبر


عن الخوف المخزي الذي شعروا به من الحسين عليه السلام و أصحابه رغم قلة عددهم. و قد أحسوا فيما بعد بثقل النظرات الغاصبة الساخطة العديدة التي تساقطت عليهم و ادانتهم و لما تصاعد من غيظ عميق مكبوت حتي من أقرب المقربين اليهم.

و قد أكد شاهد آخر كذب مزاعم ابن سعد الأخيرة، و هو حسان بن بكير العبسي. قال: (أشهد أن كتاب عمر بن سعد جاء الي عبيدالله بن زياد و أنا عنده، فاذا فيه:... أما بعد، فاني حيث نزلت بالحسين، بعثت اليه رسولي، فسألته عما أقدمه و ما يطلب و يسأل، فقال: كتب الي أهل هذه البلاد و أتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما اذا كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم، فلما قري ء الكتاب علي ابن زياد قال:



الآن اذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاة ولات حين مناص [1] .



و حسبنا أن ننقل مشهدا من المشاهد العديدة التي ترينا كيف أن القتلة أصيبوا باحباط كبير و شعور بالمهانة بعد الاقدام علي جريمتهم النكراء.. و كيف أن كل واحد منهم حاول التنصل منها و القاء مسؤوليتها علي صاحبه.


پاورقي

[1] الطبري 311 / 3.