بازگشت

عمر بن سعد هل تقبل شهادة القاتل


و سوف نري - بعون الله - من مجموع الوقائع و من شهادات أناس عاصروا الأحداث ان تلك المزاعم كانت باطلة، اضافة لما ذكرناه قبل قليل.


فلنلاحظ السيناريو الذي عرض علينا و الغرض من عرضه بهذا الشكل الموحي الخبيث، و لنأت الي أصل تلك المزاعم من البداية:

التقي الامام الحسين عليه السلام و عمر بن سعد، بعد أن أمرا أصحابهما أن يتنحوا عنهما بحيث لا يسمعوا صوتيهما و لا كلامهما (فتكلما، فأطالا، حتي ذهب من الليل هزيع، ثم انصرف كل واحد منهما الي عسكره بأصحابه، و تحدث الناس فيما بينهما، ظنا يظنونه أن حسينا قال لعمر بن سعد: اخرج معي الي يزيد بمن معاوية، و ندع العسكرين، قال عمر: اذا تهدم داري.

قال: أنا أبنيها لك. قال: اذا تؤخذ ضياعي.

قال: أنا أعطيك خيرا منها من مالي الحجاز فتكره ذلك عمر، فتحدث الناس بذلك و شاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا و لا علموه). [1] .

لقد أريد لنا أن نصل هنا الي أن الحسين عليه السلام كان مطمئنا الي يزيد و عدالته و حكمه، و أنه كان مستهدفا من عبيدالله بن زياد فقط، و أنه ربما كان قد استعجل القدوم الي العراق حتي وقع بين يديه، و أن الأمر الآن لو ترك للحسين عليه السلام و قد تضايق الي هذا الحد و حوصر، و أصبح قاب قوسين و أدني من الموت لذهب الي (ابن عمه) يزيد و وضع يده في يده و بايعه و انتهت القضية برمتها، و كفي الله المؤمنين القتال..!!.

و ان المسألة لا تعدو - في النهاية أن تكون حظا في التقدير من وجهة نظر الامام و وفق اجتهاده أراد تصحيحها في النهاية بالذهاب الي يزيد لحقن دمه و دماء أصحابه، و له الحق كل الحق في ذلك بعد أن أصبح في ذلك الموقف الدقيق...!!.

هذا ما أريد ايهامنا به، مع أن الرواية ذكرت لنا أن أحدا لم يسمع كلامهما و لم يعلم شيئا عنه.

فكيف افتري هذا القول الذي لم يقصد منه - بلا شك - سوي التقليل من شأن الثورة التي أعلنها الحسين عليه السلام و لم يتراجع أو يتخاذل أو يستسلم في كل موقف من مواقفها و في كل وقت من أوقاتها الي أن لقي مصرعه وحيدا أمام جيش الأعداء الحاشد.


و علي أساس هذه المزاعم، كتب عمر بن سعد الي عبيدالله بن زياد (و هو الي هنا المصدر الوحيد للخبر الذي ذكر، لأنه وحده الذي التقي بالامام و حادثه، و لم يسمع كلامهما أي شخص آخر).

(أما بعد فان الله قد أطفأ النائرة، و جمع الكلمة و أصلح أمر الأمة. هذا حسين قد أعطاني أن يرجع الي المكان الذي جاء منه أو أن نسيره الي أي ثغر من ثغور المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم، أو أن يأتي يزيدا أميرالمؤمنين فيضع يده في يده، فيري فيما بينه و بينه رأيه، و في هذا لكم رضي و للأمة صلاح). [2] .

كان ابن سعد هو قائد الجيش الذي قاتل الحسين عليه السلام، و هو الذي أوعز شخصيا بقتله ثم بأن تطأه الخيل بسنابكها و ترض جسمه (و قد أمر عشرة فرسان فداسوا الحسين بحوافر خيولهم حتي ألصقوه بالأرض يوم المعركة، و أمر برأسه أن يحمل من يومه الي ابن زياد) [3] و قد استجاب ابن سعد بذلك استجابة ذليلة لطمعه في ولاية الري و خوفه من ابن زياد و يزيد الذي قتل أبوه أباه من قبل، فأبدي (بطولة) الجبان أمام الجمع اليسير الذي ضمه ركب الحسين عليه السلام من النساء و الأطفال، و فعل ما فعل به و بأصحابه، مما يذكره التاريخ باشمئزاز.


پاورقي

[1] الطبري 312 / 3 و ابن‏الأثير 413 / 3.

[2] الطبري 313 / 3 و قيل أن الحسين عليه‏السلام قال لابن‏سعد: (اختاروا مني خصالا ثلاثا: أما أن أرجع الي المکان الذي أقبلت منه، و أما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني و بينه رأيه، و ما أن تسيروني الي أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم، فأکون رجلا من أهله، لي ما لهم و علي ما عليهم...) الطبري 312 / 3 و ابن‏الأثير 413 / 3.

و روي في العقد الفريد 121 / 5.. (فقال الحسين لعمر بن سعد اختر مني احدي ثلاث خصال، أما أن تترکني أرجع کما جئت و أما أن تسيرني الي يزيد فأضع يدي في يده و أما أن تسيرني الي الترک أقاتلهم حتي أموت.

فأرسل الي ابن‏زياد بذلک. فهم أن يسيره الي يزيد. فقال له شمر بن ذي الجوشن: أمکنت الله من عدوک فتسيره! لا الا أن ينزل علي حکمک، فأرسل اليه بذلک.

فقال الحسين: أنا أنزل علي حکم بن مرجانة؟! و الله لا أفعل ذلک أبدا).

[3] ابن‏کثير 191 / 8 و الطبري 335 / 3 و ابن‏الأثير 433 / 3.