بازگشت

شبهة حول تراجع مزعوم


وجدنا أن الامام الحسين عليه السلام كان مصرا علي انجاز مهمته الكبيرة، و أنه لم يتراجع عن عزمه رغم (النصائح) و التحذيرات العديدة التي وجهت له في مكة و بعد خروجه منها و في كل مراحل سفره الملحمي الي الكوفة. و كان يعلم أن احتمال الموت، يقف في مقدمة المخاطر التي يتعرض لها.

و رغم ذلك فقد أثيرت شبهة ساذجة أريد منها اثبات أمرين:

أولهما: تردد الامام في موقفه بعد سماعه أخبار تخلي القاعدة الشعبية في الكوفة عنه و قتل الزعيمين مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروة، و بعد مواجهته لجيش عمر بن سعد في كربلاء.

و ثانيهما: اثبات شرعية حكم الدولة الأموية بقيادة يزيد.

و هذه الشبهة تقوم علي روايات مزعومة منها ما ورد علي لسان عمر بن سعد (قائد الجيش الذي قتل الامام عليه السلام و أصحابه)، و عبيدالله بن زياد (حاكم العراق من قبل يزيد الذي تصدي لمقاومة الحسين عليه السلام و حشد ذلك الجيش)، و يزيد (رأس السلطة الحاكمة الذي أرسل ابن زياد لهذه المهمة)... و هم طرف مناوي ء له أغراض و أهداف عديدة لتشويه ثورة الامام.

كما أنها قائمة علي رواية مفادها أن خبر مقتل مسلم و هاني ء وصله و هو في


الطريق الي الكوفة، فهم بالرجوع الي أن اخوة مسلم رفضوا ذلك، فاستمر في مسيره. و قد ذكرت لنا بصيغ متعددة نذكر منها

1 - (حتي اذا كان بينه و بين القادسية ثلاثة أميال، لقيه الحر بن يزيد التميمي، فقال له أين تريد؟.

قال: أريد هذا المصر.

قال له: ارجع فاني لم ادع لك خلفي خيرا أرجوه.

فهم أن يرجع، و كان معه اخوة مسلم بن عقيل، فقالوا، و الله لا نرجع حتي نصيب بثأرنا أو نقتل. فقال: لا خير في الحياة بعدكم! فسار فلقيته أوائل خيل عبيدالله). [1] .

2 - (ان ابن زياد أمر بأخذ ما بين واقصة الي طريق الشام الي طريق البصرة، فلا يدعون أحدا يلج و لا أحدا يخرج، فأقبل الحسين و لا يشعر بشي ء، حتي لقي الأعراب، فسألهم، فقالوا: لا و الله ما ندري، غير أنا لا نستطيع أن نلج و لا نخرج.

فانطلق يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء. فناشدهم الحسين الله و الاسلام أن يسيروه الي أميرالمؤمنين، فيضع يده في يده، فقالوا: لا، الا علي حكم ابن زياد). [2] .

3 - روي عن عبدالله بن سلم و المذري بن المشمعل الأسديين أنهما التحقا بالامام عليه السلام و أخبراه عن رجل أسدي غادر الكوفة قوله (انه لم يخرج من الكوفة حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروة، و حتي رآهما يجران في السوق بأرجلهما.

فقال: انا لله و انا اليه راجعون، رحمة الله عليهما، فردد ذلك مرارا، فقلنا: ننشدك الله في نفسك و أهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا، فانه ليس لك بالكوفة ناصر و لا شيعة، بل نتخوف أن تكون عليك..

فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب. قالوا: لا و الله لا نبرح حتي ندرك ثأرنا، أو نذوق ما ذاق أخونا.


فقال [الحسين]: لا خير في العيش بعد هؤلاء.

فعلمنا أنه قد عزم له رأيه علي المسير). [3] .


پاورقي

[1] الطبري 298 / 3.

[2] الطبري 303 - 299 / 3.

[3] المصدر السابق.