بازگشت

المحطة الأخيرة قبل كربلاء أنها أنفسنا نعيت الينا


كان (قصر بني مقاتل) المحطة الأخيرة قبل كربلاء، و قد أمر الامام عليه السلام أصحابه بالاستقاء من الماء قبل استئناف المسير.


و قد روي أن الامام عليه السلام خفق برأسه خفقة بعيد مسيرهم (ثم انتبه و هو يقول: انا لله و انا اليه راجعون، و الحمدلله رب العالمين ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا فأقبل اليه ابنه علي بن الحسين علي فرس له فقال: انا لله و انا اليه راجعون، و الحمدلله رب العالمين، يا أبت، جعلت فداك، مم حمدت الله و استرجعت؟.

قال: يا بني اني خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس علي فرس فقال: القوم يسيرون و المنايا تسري اليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت الينا.

قال له: يا أبت لا أراك الله سوءا، ألسنا علي الحق؟.

قال: بلي و الذي اليه مرجع العباد.

قال: يا أبت اذا لا نبالي، نموت محقين. فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده). [1] .

و يكشف هذا الحوار طبيعة المهمة الرسالية الكبيرة التي انتدب اليها الامام و أصحابه، المهمة التي رأيا أنها لابد أن تكون مقرونة بالتضحية و الدم.

و اذ لم يثن الأب معرفة أنه سيقتل حتما و هو يواجه و يتحدي دولة الظلم، لم يثن الابن أيضا معرفته بذلك.

و قد دلت لهجة الحوار علي الرابطة الحميمة بين الأب و ابنه، رابطة العلاقة الأبوية و البنوية و الوثيقة و رابطة العلاقة في الله.

و لعلها من الفرص القليلة النادرة التي يتاح لنا فيها أن نشهد موقفا مؤثرا مثل هذا يتسابق فيه الأب و الا بنللشهادة في سبيل هدف واحد مشترك، يطمئن الاب ابنه، و يطمئن الأبن اباه، و هما يعلمان أي مصير سعيد سيصيران اليه اذا ما أنجزا مهمتهما الي النهاية، بنفس الاصرار و العزيمة اللذين بدآها بهما.

و الحوار علي قصره، يستحق وقفات متأملة طويلة لنري ذلك الانسجام الرائع بين نفس واحدة كانت أبا و ابنا يمضيان من أجل قضية واحدة هي قضية الاسلام التي تستحق وحدها هذا القدر من التضحية و العطاء.



پاورقي

[1] الطبري 3 - 9 / 3 و ابن‏الأثير 411 / 3.