اما اذا رغبت بنفسك عنا، فلا حاجة لنا في فرسك
عرض ابن الحر علي الامام عليه السلام، بعد أن رفض دعوته بالانضمام اليه، أخذ فرسه (الملحقة) و قال (و الله ما طلبت عليها شيئا قط الا لحقته و لا طلبني أحد و أنا عليها الا سبقته، فخذها، فهي لك.. قال الحسين: أما اذا رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا في فرسك). [1] .
انه هنا يحاول تبرئة ذمته بعرضه هذا، لم يدر في خلده الا أن الامام كان يخوض معركة قد يخسرها ولكي لا يخسر حياته، فان الهرب هو أول شي ء احتمل ابن الحر أن يرغب الامام فيه.
لم يفكر ابن الحر الا بعقلية الصعاليك و قطاع الطرق الذين يقدمون علي مغامرات ثم يحاولون التخلص منها بكل طريقة.
و كان الهروب الذي أراده ابن الحر للحسين عليه السلام جديرا بتأبط شرا و السلك بن السلكة و أمثالهما من المغامرين.
فهل كان الامام عليه السلام سيقدم علي هروب مثل هذا بعد أن يقتل أصحابه الذين قادهم الي نصرة الاسلام ليحفظ حياته... وحيدا طريدا خائفا..؟.
و هل يستطيع بعد ذلك أن يجمع حوله أنصارا آخرين اذا ما نوي استئناف مهمته...؟.
و هل سيترك نساءه و عياله و أطفاله بيد عدوه، ليستغلهم كورقة ضاغطة لاستخراجه فيما بعد، أو ليقال هل هذا هو الحسين الذي أراد تخليصكم منا؟ فلماذا ترك عياله و أصحابه بين أيدينا و هرب؟.
الحياة هي الهدف الأكبر بنظر ابن الحر و أمثاله، و أية مجازفة لا تحقق له مكسبا فيها لا تستحق أن يخوضها، و قد حسب أن الجميع يفكرون بنفس الطريقة بما فيهم الامام عليه السلام. و حسب أنه في اللحظات التي يفقد فيها كل شي ء بما فيهم أصحابه و أهل بيته فان همه لن يكون حينئذ سوي المحافظة علي هذه الحياة.
و هكذا قدم له فرسه، حاسبا أنه سيسر بهذه (الهدية) التي تتيح له انقاذ نفسه.
پاورقي
[1] الأخبار الطوال ص 249.