بازگشت

قصر بني مقاتل - لقاء مع عبيدالله بن الحر..


و في (قصر بني مقاتل) [1] عندما نزل الحسين عليه السلام، وجد هناك عبيدالله بن الحر الجعفي قد نزل قبله، فاستدعاه اليه. و قد كان ابن الحر كما ذكر هو قد خرج من الكوفة كراهة أن يدخلها الامام و هو بها و قد رفض الذهاب اليه. الا أن الامام ذهب اليه بنفسه ثم دعاه الي الخروج معه. فذكر له الأسباب التي دعته الي الخروج من الكوفة، اذ لم يكن يمتلك القوة التي امتلكها أصحاب الحسين عليه السلام فاندفعوا لنصرته دون تردد و دون أن يحسبوا حسابا لأي شي ء.. الا الله.

و اذ لم ير الامام منه استعدادا للمضي معه و الالتحاق به قال له: (فالا تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع داعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الا هلك. قال: أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء الله). [2] .

و هنا نجد في توجيه الامام عليه السلام شيئا جديرا بالملاحظة و الدرس، فهو اذ يطلب من ابن الحر، و قد تخلي عن نصرة الحسين و أصحابه، ألا يكون مع الطرف الآخر الذي ينقاد للظلم و الانحراف... و هو بذلك يطلب من كل من لا يجد في نفسه القابلية علي نصرة الحق و أعوانه أن لا ينضموا للظالم و أعوانه.

انها ليست دعوة لابن الحر و حسب، بل هي دعوة للناس جميعا.. أنصروا الاسلام و أهله، فاذا لم تجدوا في أنفسكم القدرة علي ذلك - و أنتم محاسبون حتما - فلا تكونوا عونا للظالم ليكون حسابكم عسيرا فيما بعد.

كم من الجنود الذين كانوا في جيش ابن زياد كان بامكانهم أن لا يشاركوا بالمجرزة التي ارتكبوها، و مع ذلك كان بامكانهم أن يقفوا موقف الحياد علي الأقل؟ غير أن بعض من يحاولون تبرير هزائمهم و ضعفهم، لا يكتفون بالاعتراف بأنهم مهزومون متخاذلون، بل يذهبون الي حد اعتبار مواقفهم الصحيحة الأولي هي


المواقف الخاطئة و يذهبون (لتصحيحها) الي الحد الذي يرتكبون فيه الخطايا الحقيقية، فلا يكتفون بالتخلي عن قضية ناصروها أو شخص وقفوا الي جنبه، بل يذهبون الي حد اعلان الحرب عليهما.

ان هذه الحالة تبرز و تتكرر في مجتمع الظلم و سلب الحريات... فبينما تتبني الجماهير موقفا يتبناه أحد حكامها الظلمة، نراها تتراجع عنه خطوات عديدة، بل و تحاربه فيما بعد و تنقلب علي أولئك الذين لا يزالون يتبنونه لمجرد أن حاكما آخر جاء بعد ذاك الحاكم الأول، قد أراد ذلك... و تصبح هذه الجماهير حينئذ ملكية أكثر من الملك.


پاورقي

[1] و ينسب الي مقاتل بن حسان بن ثعلبة، يقع بين عين التمر و القطقطانة و القريات.

[2] المصدر السابق 309 / 3 و روي في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 385 أنه کان عثماني الهوي و قد حارب أميرالمؤمنين عليه‏السلام مع معاوية في صفين و راجع ابن‏الأثير 410 / 3 و روي أيضا أنه علي تخليه عن الحسين. الا أن دلائل حاله فيما بعد لم تدل علي ذلک.