بازگشت

لابد من لفت أنظار الأمة بلون الدم القاني


لكن انجاز المهمة كان يستدعي لون الدم الأحمر القاني ليلفت أنظار الأمة بشكل حاد الي الانحراف الصارخ عن الاسلام و لم يكن الهرب هو الوسيلة المناسبة لذلك.

و قد طلب الطرماح من الامام أن يذهب لأهله بعد أن اقتاد لهم مسيرة من الكوفة علي أن يعود بأسرع وقت ليكون من أنصاره و قد أجابه الامام: (فان كنت فاعلا فعجل رحمك الله). [1] .

لم يكن الامام بحاجة الي جيش يرجح كفته ثم ينقلب عليه و يتنكر له بقدر ما كان يحتاج و لو شخصا واحدا ينصر قضيته و يظل علي نفس خطه الرسالي المستقيم لا


يحيد عنه و يمزج دمه بدمه الشريف، لتظل تلك الدماء شاهدة علي التضحية الكبيرة في سبيل الاسلام.

هل أن الحسين عليه السلام لم يحسب التحاق تلك الجماعة القليلة به نصرا؟ ألم يكن التحاقهم به التحاقا بركب الرسالة الذي قاده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم منذ البداية و كان محفوفا بالمتاعب و الصعوبات أيضا..؟ و كان هؤلاء يتعرضون لنفس المخاطر التي تعرض لا أصحاب الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و هم يواجهون كل قوي الشرك و الكفر بقيادة قريش؟.

ألم يكن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم من قبل قد نصر من قبل بفئة قليلة باذن الله؟.

و هن انتصر بهم لنفسه أم لدين الله؟.

و اذ يضاف واحد الي أنصار الحسين عليه السلام ليقدم علي التضحية بنفسه - و هي أغلي ما يملك، ألا يعد ذلك انتصارا لدين الله؟.

كان الامام عليه السلام يريد أن تظل مواقف أصحابه شاخصة أمام الأمة علي الدوام و كان يريد لقوتهم التي تغلبت علي مخاوفهم و آلامهم أن تنتقل الي الأمة كلها فيما بعد.

و كان موقف واحد منهم جديرا بأن يهز وجدان الأمة علي الدوام و يجعلها تعيد النظر بمواقفها علي الدوام و تنتفض علي واقعها الذي يتسلط عليه الطواغيت و الفراعنة.

لم يكن الامام بحاجة يتقوي به و يلوذ خلفه بقدر ما كان بحاجة لموقف شجاع يشخص أمام أنظار الأمة دائما لتشد به عزيمتها و تقوي به أزرها لم يكن مستوحشا الي الرجال [2] كما روي عن الطرماح و انما كان الوقت قصيرا، و فرصة الالتحاق بالركب محدودة، و الا فأية قيمة عسكرية و أي نصر عسكري يمكن أن يجنيه اذا ما أضيف شخص الي أصحابه القليلين بمواجهة الجيش الذي يفوقه مئات المرات بل ربما بألف مرة؟.



پاورقي

[1] الطبري 308 / 3.

[2] الطبري 308 / 3 و قد أورد أن الطرماح قال: (فعلمت أنه مستوحش الي الرجال حتي يسألني التعجيل).