بازگشت

الحر يدعو الحسين للاستسلام.. أفبالموت تخوفني


و حاول الحر أن ينضم الي مجموعة (الناصحين) و المحذرين و يدلي بدلوه في هذا المجال، داعيا الامام عليه السلام الي الاستسلام:

(اني أذكرك ال في نفسك، فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن، و لئن قوتلت لتهلكن فيما أري.

فقال له الحسين: أفبالموت تخوفني؟ و هل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟.

ما أدري ماذا أقول لك.. ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه و لقيه و هو يريد نصرة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقال له: أين تذهب؟ فانك مقتول.

فقال:



سأمضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذا ما نوي حقا و جاهد مسلما



و آسي الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا يغش و يرغما



فلما سمع ذلك منه الحر تنحي عنه، و كان يسير بأصحابه في ناحية و الحسين في ناحية أخري). [1] .



و لعل الحر قد حسب نفسه (الناصح) أو المحذر الوحيد للامام عليه السلام كانكان يري أن النتيجة المحتمة لثورة الحسين عليه السلام هي الموت قتلا، فما كان يزيد ليتنازل عن ملك سعي له أبوه بالسيف و كان الحسين يري ذلك أيضا، و لعل استهانته بالموت و تمثله بأبيات أخي الأوس الذي كان يريد نصرة جد يريد نصرة جسده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.. و لعله كان المستمع الوحيد لكلمات الامام و خطبه و المستفيد الوحيد منها.. و لعله أيضا كان منذ تلك اللحظات يعيش صراعا بين البقاء مع دولة الظلم و الانحياز الي جانب الامام الثائر.


و مع أن موقفه جاء متأخرا، اذ فضل الانحياز الي جانب الامام و القتال معه و الموت بين يديه، الا أنه سجل موقفا كبيرا و خالدا.. ففي اللحظات التي كان الامام عليه السلام بقوته الصغيرة يواجه جيش ابن زياد الضخم الذي قد يفوقه في العدد ألف مرة و في التسلح آلاف المرات، و مع زيادة احتمال القتل، بل تأكده، استطاع الحر أن يسترجع وعيه و يشعر بحريته و قوته لمواجهة دولة الظلم و يتغلب علي مخاوفه من الموت المحقق.


پاورقي

[1] الطبري 307 / 3 و ابن‏الأثير 409 / 3 و ورد فيه بيت ثالث بعد البيتين السابقين:



و ان عشت لم أندم و ان مت لم ألم

کفي بک ذلا أن تعيش و ترغما.