بازگشت

الحر يساير الامام الي البيضة.. كلمة أخري هناك.. أنا أحق من غير


و سار ركب الامام الي (البيضة) و الحر يسايره.. و هناك رأي أن يحاول مرة أخري تحريك العزائم المحذرة و الارادة المشلولة لذلك الجيش الحائر الذليل..


فألقي خطبة أوضح فيها سبب ثورته و قدومه عليهم، و ذكرهم بمواقفهم السابقة مع أبيه أميرالمؤمنين و أخيه الحسن عليهم السلام و تطابقها مع موقفهم الحالي... و أوضح أن ذلك يشكل خسارة شخصية لهم ماداموا يتخلون عنه و يتراجعون و يرتمون ثانية في أحضان حاكمهم الظالم.

(أيها الناس، ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «من رأي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان، فلم يغير عليه بفعل و لا قول، كان حقا علي الله أن يدخله مدخله». ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، و تركوا طاعة الرحمن، و أظهروا الفساد، و عطلوا الحدود، و استأثروا بالفي ء، و أحلوا حرام الله، و حرموا حلاله، و أنا أحق من غير. قد أتتني كتبكم، و قدمت علي رسلكم ببيعتكم، أنكم لا تسلموني و لا تخذلوني، فان تممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي، و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسي مع أنفسكم، و أهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة.

و ان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم، و خلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي و أخي و ابن عمي مسلم، و المغرور من اغتر بكم، فخطكم اخطأتم و نصيبكم ضيعتم، و من نكث فانما ينكث علي نفسه، و سيغني الله عنكم). [1] .

كان ذاك بيانا جديرا بقائد كالحسين عليه السلام يقدر طبيعة عمله و نتائجه.

قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بصدد جهاد الحاكم الظالم واضح لا لبس فيه.. و سيد شباب أهل الجنة اذ ينقله عنه فهو علي ثقة أنه صادر عنه... و هو يناقض الأحادث التي وضعها بعض مرتزقة الدولة و مأجوريها بوجوب الخضوع للحاكم الظالم.

و الحاكم الظالم يشخص الآن أمام الأمة مجاهرا بظلمه و جوره و عدوانه و فساده و تعطيله لحدود الله و استئثاره بأموال المسلمين و تحليله الحرام و تحريمه الحلال.

و هنا يؤكد الامام علي نقطة جديرة بالانتباه و هي: أن مهمة تغيير هذه الأوضاع الصصعبة التي يعلن فيها الحاكم استهتاره بكل قيم الاسلام و ابتعاده التام عنها ينبغي أن يقوم بها أكثر الناس شعورا بالمسؤولية و أقربهم من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم... شخص تربي في


بيته و تلقي الاسلام من منبعه الأصلي قبل أن تكدره أغراض المنتفعين و الطامعين و ذوي الأهواء و المصالح.

و أجدر الناس قياما بهذه المهمة هو نفسه الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم... و ها هو يقدم علي هذه المهمة و لا يتردد مع أنه يعلم كيف سيلقاه عدوه، انه يقدم بنفسه اليهم و يعرضها لعنف الدولة و بطشها، و يقدم بأهله ليكونوا مع أهل من يقدم علي مساندته و القتال معه.. انه يقول لهم: هذه نفسي أقدمها في سبيلكم و في سبيل أن يعود الاسلام ثانية لتعيشوا تحت لوائه في حرية و أمن، و هذه عائلتي سيصيبها الضيم الذي قد يصيب عوائلكم اذا ما قاتلتم معي و حل بكم ما حل بي.

يقول لم ذلك مع أنه يعلم أنهم قد تخلوا عن ارادتهم و حريتهم و أنهم قد ماتوا حقا و ان كانوا يبدون بمظهر الأحياء الأصحاء الفرسان الذين يحملون السيوف و الحراب و السهام و يقدمون لمحاصرته مع جماعته القليلة و يبدون أمامهم حتي بمظهر الابطال.


پاورقي

[1] الطبري 307 / 3 و ابن‏الأثير 408 / 3.