بازگشت

شبهة


و من الملاحظ هنا - كما يروي المؤرخون، أن أعدادا من الناس كانت تلتحق بالحسين عليه السلام من الأعراب و غيرهم، و كان لا يمر بأهل ماء الا اتبعوه [1] طمعا بالغنيمة أو النصر السهل الميسر، و ربما لم يدر في خلدهم أنه عليه السلام يمكن أن يلاقي


أية مصاعب في التغلب علي أعوان الدولة في الكوفة. و هو الأمر الذي عرف الامام دوافعه، فان يشرح لهم طبيعة الموقف و يدعوهم للتخلي عنه ان شاءوا، لأن هؤلاء لا يشكلون قوة عقائدية يمكن أن تصمد أمام جيش العدو اذا ما احتدم القتال، و قد ينضمون الي ذلك الجيش و يشكلون خطرا عليه و علي أصحابه و ربما غدروا بهم و شجعوا غيرهم علي الاجتراء عليه و علي أصحابه.

ان شبهة ترد هنا مفادها أن الحسين عليه السلام قد خير الناس بالانضمام اليه أو التخلي عنه.

و يستند أصحاب هذه الشبهة علي دعوة الحسين عليه السلام بعض من اتبعه الي الرجوع، متوهمين بذلك أنه كان يسعي لتكوين جيش كبير حتي ولو كان من المرتزقين النفعيين. بينما أن الواقع يشير الي أن جيش الامام كان محملا برسالة الي أهل الكوفة و غيرهم. و رغم أن هذا الجيش الصغير لا يملك مقومات الغلبة علي ما أعدته الدولة القوية المتنفذة و يدرك أن الرسالة لا يمكن أن تبلغ الا اذا كانت مصبوغة بدماء أفراد هذا الجيش نفسه و هم الحسين عليه السلام و أصحابه... فانه واصل المسيرة، مدركا أن من التحق به لا يمكن أن يقدم هذه الدماء، و سيكون موقفهم المتخاذل نكسة علي أصحاب الرسالة أنفسهم، و قد يشوه جراء ذلك موقعهم و تشوه دوافعهم، و يعرضون علي الأمة فيما بعد علي أنهم جماعة من قطاع العراق و شذاذ الآفاق دفعتهم مصالحهم للاغارة علي الكوفة لتعكير أمنها و نهب ممتلكات أبنائها.

و بقدر ما كان الامام يفرح بانضمام شخص رسالي اليه، مؤمن بأهدافه و غاياته و يعتبره كسبا كبيرا لقضية الاسلام، بقدر ما كان يشير علي من اتبعوه قصد الفائدة و الربح لتركه و الذهاب بعيدا عنه.

تري لو أن الامام أتيح له جيش مرتزق لا يحمل الهدف الذي حمله، و عرض عليه ذلك الجيش أن يسير تحت قيادته، أكان الامام يقبل بذلك و يسلطه علي مقدرات المسلمين ليحل جيش ظالم محل جيش ظالم آخر.

أكان يقبل استبدال ابن سعد بابن سعد آخر و الشمر بشمر آخر...؟.

أم أنه كان يريد عودة الناس الي الاسلام و استبعاده كل أدوات الظلم و الانحراف و عناصرهما.؟.



پاورقي

[1] الطبري 303 / 3 و ابن‏الأثير 403 / 3 و ابن‏کثير 168 - 8.