بازگشت

الثعلبية، وصول خبر مصرع مسلم


في (الثعلبية) [1] ، عندما نزل الحسين ممسيا، التحق به رجلان هما عبدالله بن سليم و المذري بن المشمعل الأسديان و أخبراه بخبر سمعاه عن رجل أسدي من أهل الكوفة مفاده أنه لم يخرج من الكوفة حتي قتل مسلم و هاني ء و قد رآهما يجران بأرجلهما في السوق. [2] .

و قد استرجع الامام عليه السلام مرارا و ترحم عليهما.

و ناشد الرجلان الامام عليه السلام لكي يرجع الي مكة قائلين: (ننشدك الله في نفسك و أهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا، فانه ليس لك بالكوفة ناصر و لا شيعة بل نتخوف عليك.

فوثب عند ذلك بنوعقيل بن أبي طالب.

و قالوا: لا و الله لا نبرح حتي ندرك ثأرنا، أو نذوق ما ذاق أخونا). [3] .

و قد نظر الامام الي الرجلين و قال: (لا خير في العيش بعد هؤلاء... فقال له بعض أصحابه: انك و الله ما أنت مثل مسلم بن عقيل، و لو قدمت الكوفة لكان الناس اليك أسرع.

ثم انتظر حتي اذا كان السحر قال لفتيانه و غلمانه: أكثروا من الماء فاستقوا و أكثروا ثم ارتحلوا و ساروا). [4] .


و قد اتخذ بعض المغرضين من هذه الرواية و من بعض الروايات الأخري حجة علي تثبيت و هم مفاده أن الامام عليه السلام ربما كان قد نوي التراجع، الا أن موقف بني عقيل هو الذي منعه من ذلك.

و سنتحدث في القسم الثاني من هذا المبحث عن الشبهات التي أوردت حول تراجع مزعوم للامام و سنجد أنها لم تقم علي أي أساس واقعي أو منطقي.

أما هنا في هذا الموقف. فلنا أن نستحضر المشهد أمامنا.

الامام عليه السلام جالس مع أصحابه بينما يفد عليهم الرجلان الأسديان و يخبرانهم بخبر مسلم و هاني ء و يدعوان الامام لقطع مسيرته.

و قبل أن يتفوه الامام بأية كلمة يتقدم بنو عقيل معلنين أنهم لن يبرحوا حتي يأخذوا بثأر أخيهم أو يذوقوا ما ذاقه.

لقد أعربوا عن استعدادهم للمضي الي النهاية مع الامام و كانوا أيضا يدركون ما سيلقونه علي يد جيش السلطة الظالمة. و ربما تتاح لهم في معركة الغد قتل بعض أعوانها مسجلين مواقف جديدة لنصرة الاسلام.

لم يقل لهم الامام عليه السلام: هيا نتراجع فرفضوا ذلك.

بل أنه جعل من موقفهم حجة علي من دعاه للتراجع. فقد نظر الي الأسديين و قال: لا خير في العيش بعد هؤلاء. و كأنه كان يريد أن يسمعا الجواب من أصحابه لا منه. و كأنه كان يريد أن يقول لهما: انظرا هذا هو موقف أصحابي انهم يأبون الرجوع رغم ادراكهم لخطورة الموقف و انه ليس في صالحهم. فكيف بي أنا الذي دعوتهم الي الالتحاق بي و الانضمام الي مسيرتي.؟.


پاورقي

[1] و قد روي في أمالي الصدوق ص 93 أن رجلا أتي الامام و سأله عن قوله تعالي: (يوم ندعوا کل أناس باممهم)، فقال عليه‏السلام: امام دعا الي هدي فأجابوا اليه، و امام دعا الي ضلاله فأجابوا اليها، هؤلاء في الجنة و هولاء في النار، و هو قوله تعالي: (فريق في الجنة و فريق في السعير).

[2] و ورد في تاريخ اليعقوبي 243 - 2 أن خبر مقتلهما ورد علي الحسين عليه‏السلام في (القطقطانة).

[3] و ورد في تاريخ اليعقوبي 243 - 2 أن خبر مقتلهما ورد علي الحسين عليه‏السلام في (القطقطانة).

[4] الطبري 303 - 302 / 3 و ابن‏الأثير 403 / 3 و ابن‏کثير 168 - 8.