بازگشت

اعلان حالة الطواري ء


و قد وصل خبر خروج الحسين عليه السلام من مكة الي يزيد بسرعة فائقة، و لعله قد بلغه حينما قدمت عليه رسل ابن زياد برأسي مسلم و هاني ء و خبر القضاء علي ثورتهما فأرسل اليه يوصيه باتخاذ أقصي حالات اليقظة و الحذر، و اللجوء الي ما تلجأ اليه الدولة عادة من الاحتراس علي الظن و الأخذ علي التهمة و مراقبة الطرق و المنافذ


و ارسال الحراس و الدوريات و تعبئة أعوان الدولة و مرتزقتها و تجنيدهم استعدادا لمواجهة الامام و حربه. [1] .

و هنا لابد لنا من التعرف علي طبيعة الموقف.

فيزيد علي ما يبدو و قد وصله خبر خروج الحسين عليه السلام و مقتل مسلم و هاني ء في وقت واحد أو في وقتين متقاربين جدا، اذ بينما يبشره ابن زياد بالقضاء علي ثورة مسلم، يرسل اليه هو يحذره من الحسين عليه السلام الذي خرج من مكة الي الكوفة. فرسالة يزيد أرسلها و هو يعلم تراجع أهل الكوفة و تخليهم عن مسلم و قتل و أسر بعضهم، فربما كان اطمأن هنا بعض الشي ء و هو يري تبدد السحب التي كانت تتجمع فوق رأسه منذرة بما لا يعلم الا الله من نتائج و عواقب.

و لم تكن ليزيد تلك الكياسة و الحلم اللذين يمكن أن يتظاهر بهما أمام الأمة كما تظاهر معاوية من قبل ليعفو عند المقدرة و القوة، بل انه ربما كان بتصرف بحقد أشد من ذلك الذي حمله أسلافه و هو يري بقية سلالة أعداء عائلته و هو يوشك أن يقع في قبضته.

و كانت المعركة بنظرة معركة حاسمة أخيرة يستطيع التخلص فيها من عدوه و يسكت صوت المعارضة و الثورة علي الحكم الأموي الي الأبد. خصوصا و ان موقف الحسين عليه السلام ربما كان هو الموقف الوحيد الذي يعلن رفضه لدولة يزيد.

و لابد أنه منذ تلك اللحظة بدأ يستشعر بوادر (النصر) المزعوم و يهني ء نفسه عليه و يعد العدة لاستئصال الحسين عليه السلام و أصحابه بنفس الطريقة التي أقدم عليها ابن زياد مع هاني ء و مسلم و بعض أنصارهما.

و مع أن ابن زياد كان هو الذي بادر الي تلك الطرق المروعة لقتل هاني ء و مسلم فان ذلك شجع يزيد لكي يأمره بفعل المزيد مع الحسين و رجاله اذا ما وقعوا في يده. لم يتوقع يزيد أن يقوم أعوان مسلمة المتخاذلون بالوقوف علي أقدامهم ثانية و مساندة الامام. و مع ذلك فان خوفه من قيام ثورة مسلمة بوجهه جعله يأمر باتخاذ المزيد من الاجراءات و الاحتياطات الاستثنائية لمنع كل الاحتمالات التي قد تكون في غير صالحه.



پاورقي

[1] و قد عمد ابن‏زياد بأخذ ما بين واقصة الي طريق الشام الي طريق البصرة فلا يدعون أحدا يلج و لا أحدا يخرج المصدر السابق 299 / 3.