بازگشت

لماذا خرج الحسين من مكة


لعل الأسباب التي دفعت الامام الحسين عليه السلام للخروج من المدينة، هي التي دعته الي الخروج من مكة بعد ذلك. و لعله لم يملك الخيار بين البقاء و الخروج، الا اذا كان البقاء يعني الاستسلام للسلطة الحاكمة و مبايعة يزيد، و بدون هذا فانه كان معرضا للقبض عليه و قتله أو سجنه أو نفيه الي مكان سحيق علي أبعد الاحتمالات و كانت قضيته ستشوه و ستعرض علي أنها منافسة علي الزعامة و السلطان و حسب و كان يزيد سيلجأ معه الي ما لجأ اليه أبوه معاوية من قبل مع خصومه و أعدائه.

و كانت كتب أهل العراق تحمله المسؤولية التاريخية أمام الأمة كلها للنهوض و قيادة الثورة المناوئة للحكم المنحرف، اذ انه لو لم يقرر المسير اليهم لتحمل تبعات ترددهم و تراجعهم، و لقيل فيما بعد ان نجاحهم محقق لو سار اليهم الحسين، أما و هو لم يسر اليهم، فانهم فقدوا القائد الذي يمكن أن يأخذ بأيديهم الي ذلك النجاح. و لتحمل بعد ذلك تبعات كل تقاعس و سكوت عن حكومات الجور و الانحراف.

أليس حقد هؤلاء عليه، و علي شيعته، نابع من أنهم كانوا حجر عثرة ضد الانحراف و الظلم و أنهم أبطلوا أكذوبات الأمويين و أحد وتاتهم بضرورة الخضوع للحاكم و لو كان فاسقا؟.

و قد تحدثنا بامسهاب في الفصل السابق عن كتب أهل العرق التي تواردت عليه بزم هائل، و قرار الخروج الذي اتخذه و الدوافع التي دعته لذلك.

أصبح الخروج الي العراق محتما اذا و في وقت استطاع أكبر تجمع للمسلمين أن يشهد هذا الخروج و يعرف دوافعه لينقل ذلك فيما بعد الي المسلمين في كافة أقطارهم.

اذ خرج منها (لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية... في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل) [1] لمحاصرة ابن زياد و استنقاذ هاني ء منه، و الذي انقلبت فيه رياح


الثورة و أصبحت لصالح ابن زياد الذي قبض علي الأمور بيد حديدية و استطاع قتل مسلم و هاني ء و بعض رجالهما و سجن بعضهم و تفتيت جموع الثوار بخطة محكمة شارك فيها أشراف الكوفة و رؤساؤها.


پاورقي

[1] الطبري 293 / 3 و تکاد کتب التاريخ تجمع کلها علي ذلک.