بازگشت

قتل الأمويون للامام الحسين محاولة لقتل دور الشاهد


و قد عمق من مسألة استخلاف معاوية، قيامه بعد ذلك بجعل الحكم وراثيا، و أجبر الأمة بعد استدراجها و اخضاعها لمبايعة يزيد خليفة من بعده علي المسلمين،


و هو أمر لا يكاد يصدق أو يقبل في جو اسلامي صحيح، و في أمة اسلامية حية، لم تفقد بعد مقومات وجودها و بقائها، و كان قبول الأمة بذلك يعني انحدارها الي الحد الذي يطمع فيه أعداؤها.

و كان لابد لامام الأمة ان ينبهها الي ذلك و يوقظها بحزم لتشاهد حالها و ما وصلت اليه، و من الطبيعي ان ذلك ما كان ليتم بالكلام وحده أو بجملة من الخطب أو المواعظ و الارشادات، كان لابد من فعل حاسم جري ء يقوم به الامام لتشخيص الانحراف أولا و تحذير الأمة من الانجراف معه الي الحد الذي انجرفت اليه فعلا، و تجنيبها هذا المصير المحزن الذي أوصلها اليه اعداؤها و المتسلطون عليها.

و كانت مهمة تقويم الأمة و ارجاعها الي الصواب ستثير السلطة الاموية الحاكمة، و ستفقدها صوابها و ستعمد الي مواجهته و استعمال اشد الوسائل عنفا و دموية معه لأن معركتها معه ستكون معركة وجود مصيرية، و اذا ما انتصر في ساحة الحرب فربما تكون تلك معركتهم الأخيرة معه و مع غيره، فلم يكن ما حصلوا عليه من مكاسب و مغانم قليلا بأي حال من الأحوال، و قد أفصح الامام عليه السلام عن ذلك منذ بداية الأمر، عالما بطبيعة الساحة التي كان يقاتل فيها، و هكذا شهدنا و سمعنا تصريحاته العديدة بهذا الخصوص.

(و أيم الله لو كنت في حجر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتي يقضوا في حاجتهم. و والله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت). [1] .

(و الله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم، حتي يكونوا أذل من فرم الامة). [2] .

ان معركة أعدائه ستكون شرسة معه الي أبعد حد، الا أن الأمر كان لا يحتمل ترك الأمة تنحدر الي أكثر من ذلك الحد الذي انحدرت اليه، و الا ضاعت الي الأبد، و لو كان قد أقرها هو عليه السلام، علي مواقفها، لوجدت المبرر الشرعي للانحراف و لألصقت به تهمة سقوطها، و ما عاد التاريخ يحدثنا الا عن ذلك الامام الذي استسلم لسلطان الانحراف و لم يقم بواجبه حذر الموت و خوفا منه و حرصا علي سنوات قليلة باقية؟


فلم يكن الفعل الذي قام به الامام عليه السلام مجردا من مبرراته، فقد أوضح للجميع منذ رفضه البيعة، و حتي قيامه، بالمجموعة القليلة من ذوية و أصحابه الي العراق، السبب الذي دعاه الي هذا الخروج و أوضح المهمة التي خرج لها، منطلقا من مسؤولياته الدقيقة لتقويم الاعوجاج و دفع الانحراف، كامام فعلي لهذه الأمة و ان استبعد من مركز القيادة الفعلية.

ما الامام الا العامل بالكتاب و الآخذ بالقسط و الدائن بالحق و الحابس نفسه علي ذات الله. [3] .

(و أنا أدعوكم الي كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله و سلم فان السنة قد أميتت و ان البدعة قد أحييت، و ان تسمعوا قولي و تطيعوا أمري اهدكم سبيل الرشاد). [4] .

لم يشاقق الله و رسوله من دعا الي الله عزوجل و عمل صالحا و قال انني من المسلمين، و قد دعوت الي الايمان و البر و الصلة. [5] .

(و نحن أهل هذا البيت أولي بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالجور و العدوان. [6] .

(ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: من رأي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان، فلم يغير عليه بفعل و لا قول، كان حقا علي الله ان يدخله مدخله. الا أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان و تركوا طاعة الرحمن، و أظهروا الفساد و عطلوا الحدود، و استأثروا بالفي ء، و احلوا حرام الله، و حرموا حلاله، و أنا أحق من غير). [7] .

(انه قد نزل من الأمر ما ترون، و ان الدنيا قد تغيرت و تنكرت و أدبر معروفها، و استمرت جدا، فلم يبق فيها الا صبابة كصبابة الاناء، و خسيس عيش كالمرعي الوبيل، ألا ترون أن الحق لا يعمل به، و أن الباطل لا يتناهي عنه، ليرغب المؤمن


في لقاء الله محبا، فاني لا أري الموت الا شهادة و لا الحياة مع الظالمين الا برما). [8] .

(فسحقا و بعدا لطواغيت الأمة و شذاذ الأحزاب و نبذه الكتاب و نفثة الشيطان و محركي الكلم و مطفي ء السنن و ملحقي العهرة بالنسب المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين). [9] .

(أريد أن آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر و أسير بسيرة جدي و أبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولي بالحق، و من رد علي هذا أصبر حتي يقضي الله بيني و بين القوم، و هو خير الحاكمين). [10] .


پاورقي

[1] الطبري 300 / 296 / 3، و ابن‏الاثير 401 / 400 / 3، و اللهوف 62، و مقتل الخوارزمي 226 / 1، مع بعض الاختلاف البسيط في النصوص.

[2] الطبري 300 / 296 / 3، و ابن‏الاثير 401 / 400 / 3، و اللهوف 62، و مقتل الخوارزمي 226 / 1، مع بعض الاختلاف البسيط في النصوص.

[3] الطبري 278 / 3، و ابن‏الاثير 267 / 3، و مقتل الخوارزمي 195 / 1، و مناقب آل أبي‏طالب.

[4] الطبري 219 / 200 / 6، و راجع المصادر السابقة الارشاد للمفيد 219، و ابن‏کثير 167 / 8.

[5] الطبري 219 / 200 / 6، و راجع المصادر السابقة الارشاد للمفيد 219، و ابن‏کثير 167 / 8.

[6] الطبري 228 / 6، و ابن‏الاثير 408 / 3.

[7] الطبري 229 / 6، و ابن‏الاثير 409 / 3، و أنساب الأشراف 171 / 3.

[8] الطبري 229 / 6، و العقد الفريد 122 / 5، و اللهوف في قتلي الطفوف 69، و مقتل الخوارزمي 5 / 2، و تحف العقول 174.

[9] مناقب آل ابي‏طالب 98 / 4، تحف العقول 171، مقتل الخوارزمي 7 / 2، الاحتجاج للطبري 24 / 2. مع بعض الاختلاف في النص.

[10] مقتل الخوارزمي 188 / 1، و بحار الأنوار 329 / 44: (و منهج آل البيت عليه‏السلام واضح و مفهوم، و طالما کانت نفس هذه الصيحات تنطلق من فم أميرالمؤمنين عليه‏السلام (اللهم انک تعلم انه لم يکن الذي کان منا منافسة في سلطان، و لا التماس شي‏ء من فضول الحطام! ولکن لنرد المعالم من دينک، و نظهر الاصلاح في بلادک، فيأمن المظلومون من عبادک، و تقام المعطلة من حدودک) نهج‏البلاغة 189.