بازگشت

تداخل دور الشهادة مع دور النبوة


كان دور الشهادة متداخلا مع دور النبوة، و كان من المقرر له أن يسير مع خط الامامة و يتداخل معه ليؤدي الامام دوره بنفس القوة و الوضوح اللذين أداهما به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من قبل، فقد أبعد الامام الأول أميرالمؤمنين عليه السلام عن مهمته القيادية عدة سنين، و قد شهدت الأمة قيادة بديلة لم تكن تمتلك مؤهلات القيادة الأصلية، و مع ذلك فان هذه القيادة البديلة استطاعت ان تهيمن علي الأمة دون أن يري ضرورة أو وجوبا لتمتع الخليفة بتلك القدرات الاستثنائية الخاصة التي تمتع بها وصي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، الذي اعده و رباه علي منهجه و رؤاه و تصوراته.


و عندما احتل منصبه بعد تلك السنين الطويلة، لم يعد بمقدوره بعد ان تصدت له قوي و أحزاب عديدة من داخل الأمة بحجج مختلفة و واجه فتنا و حروبا، كان عليه ان يخوضها لتخليص التجربة الاسلامية من الشوائب، و لتسلم الأمة و تعود علي نفس الطريق الذي رسمه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من قبل.

و لم ير أميرالمؤمنين عليه السلام أن يقدم أية تنازلات من شأنها أن تسهل مهمته في الحكم ظاهريا، الا أنها ستلحق نكسة كبيرة بالمبادي ء التي آمن بها و تبناها و رأي أنها أهم من كرسي الحكم الذي يلهث وراءه خصومه.

و قد تصدي أميرالمؤمنين عليه السلام، رغم ابعاده عن منصبه لدور الشهادة في عهد الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، و قد رأينا كيف قام بهذا الدور و بعملية تقويم مسيرة الأمة و حكامها، رغم أنه قد استبعد بعد ذلك حتي عن هذا الدور عندما رفض عثمان نصائحه و توجيهاته و دعاه الي الخروج الي أرضه بينبع و البقاء هناك.

كما انه استبعد في عدة حوادث مماثلة وقعت قبل ذلك في عهد الخليفتين الأول و الثاني، الا أن دوره كان واضحا رغم عدم تمتعه بسلطة الخلافة، مما يتيح له القيام مباشرة بما يراه مناسبا علي ضوء فهمه و علمه و ما نشاء عليه ورآه في عهده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و قد تطرقنا الي بعض المهام التي أداها كشهيد، لتقويم مسيرة من سبقه و منعها جهد طاقته من الانحراف و التعثر، و كانت له جولات عديدة و مواقف مشهودة في هذا المجال لم يغفل التاريخ ذكرها، و رويت لنا عشرات الأمثلة عليها.