بازگشت

استجابة الامام الحسين الواعية للمشيئة الالهية


ان فهمنا للروايات السابقة ينبغي ان يكون من منطلق ان الحسين عليه السلام أراد افهام الناس ان مهمته محفوفة بالمخاطر، و ان ليس من المتوقع أن تتخلي السلطة الحاكمة عن امتيازاتها به مجرد رغبته بذلك...، و ان علي من يريدون المشاركة بها أن يوطنوا أنفسهم علي ملاقاة أشد ضروب التنكيل و القتل، و قد أراد اعطاء من كان يحرص علي حياته فرصة لتركه، و قد تركه فعلا بعض الاعراب الذين كان يطمعون بالحصول علي مكاسب مادية، عندما أدركوا جدية المهمة التي كان يقوم بها و الأخطار التي كان ينوه عنها ان شخصا آخر، طالبا للملك غيره، ما كان سيلجأ الي تلك الصراحة و لحاول جمع أكبر عدد من الناس حوله مقدما لهم الاغراءات و الوعود علي أمل استلام الحكم في المستقبل.

لقد كان الحسين عليه السلام بنهوضه و مسيرته الي العراق و ثورته علي النظام الفاسد يريد أن يشعر كل فرد من الأمة أنه مسؤول مسؤوليه شخصية عن تقويم الانحراف.

و كما علم بعض اصحاب الرسول صلي الله عليه و آله و سلم أنهم شهداء، و لم يتراجعوا علم الحسين عليه السلام انه شهيد، فلم يتراجع أيضا، و علم أصحابه انهم شهداء فلم يتراجعوا كذلك، و كان اولي بهم جميعا أن لا يتراجعوا أمام الخطر الحقيقي المحدق بالاسلام، و كان الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و أوصياؤه أجدر ان يتحملوا مسؤولياتهم كاملة ليمضوا الي نهاية الشوط حتي لو كان في ذلك نهاية حياتهم علي هذه الارض.

أن استحابة الحسين عليه السلام لم تكن استجابة غير واعية لقدر نازل من الله، و انه كان يملك قوة خارقة خارجة عن حدود القدرات البشرية لتحمل ذلك، و ان استجابته كانت كاستجابة الملائكة تماما...، و أنه لم يكن يتألم أو يحزن. لقد جسد الامام عليه السلام الموقف الحقيقي الانسان القوي بالله و ركنه القويم، و ليس أدل علي ذلك من مواقف أصحابه، و كانت استجابتهم كما اشرنا كاستجابته واعية ارادية متفهمة، و قد رأوا ان ما سيقومون به داخل ضمن امكاناتهم و غير عسير عليهم، ما داموا قد عرفوا لمن كانوا يستجيبون و ماذا كانوا يفعلون.


و قد سئل أميرالمؤمنين عليه السلام في موقف آخر كان يستعد فيه لحرب معاوية و أصحابه، أكان ذلك بقضاء من الله و قدر؟ و قد اجاب عليه السلام سائله:

(ويحك؛ لعلك ظننت قضاء لازما، و قدرا حاتما؟ و لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب، و سقط الوعد و الوعيد. ان الله سبحانه أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، و كلف يسيرا، و لم يكلف عسيرا، و أعطي علي القليل كثيرا، و لم يعص مغلوبا، و لم يطع مكرها، و لم يرسل الأنبياء لعبا، و لم ينزل الكتاب للعباد عبثا، و لا خلق السموات و الأرض و ما بينهما باطلا: (ذلك ظن للذين كفروا، فويل للدين كفروا من النار) [1] .


پاورقي

[1] المصدر السابق.