بازگشت

الخطاب الوداعي للامام الحسين في مكة


خطب الامام عليه السلام بعد ان صلي ركعتين بين الركن و المقام خطبة وداع أخيرة بمكة، أوجز فيها كل شي ء لمن كان هناك من المسلمين، الذين لابد انهم قد تأثروا بها، غير انهم ربما لم يجدوا القوة للاستجابة العملية لها في الوقت المناسب، و هو الوقت الذي ارادهم فيه ان ينصروه.

و جاء فيها:

(الحمدلله، و ما شاء الله، و لا حول ولا قوة الا بالله، و صلي الله علي رسوله. خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة، و ما اولهني الي اسلافي، اشتياق يعقوب الي يوسف. و خير لي مصرع انا لاقيه. كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلا، فيملأن مني اكراشا جوفا، و اجربه سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم.رضا الله رضانا أهل البيت. نصبر علي بلائه، و يوفينا اجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته. بل هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقربهم عينه، و ينجز لهم وعده.

ألا و من كان فينا باذلا مهجته، موطنا علي لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فاني راحل مصبحا ان شاء الله تعالي). [1] .

و من الطبيعي ان تثير خطبة الوداع هذه مشاعر المحبين للامام عليه السلام، و اولئك الذين كنوا مشاعر الكره له، أما اولئك الذين أحبوه، فقد رأوا في ذلك الموت المحقق شيئا لا يمكن ان يحتملوه هم، و رأوا فيه امرا خارقا لا طاقة لهم به، و مع انهم رأوا ان مهمة الامام لا تخرج عن حدود واجباته، بل انه كان المسؤول عنها بالدرجة الاولي، فانهم حاولوا ان يثنوه عن عزمه بمواصلتها، لكي يجنبوه المصير المؤلم الذي كان يبدو انه يراه رأي العين، و قد كانت لبعضهم اسبابه الخاصة في القعود. [2] .


اما الحاقدون علي الامام و منافسوه، فأنهم رأوا امامهم صلابة قد تحرك الامة كلها ضدهم، و رأوا في موقفه تحريضا قائما ضد الحكم القائم، قد يؤدي الي الاطاحة به في نهاية المطاف، و ذلك ما لم يسرهم علي اية حال.

فهم يدركون اكثر من غيرهم الي اي حد قد تمادوا بانحرافهم و خطئهم، و يدركون ان ثورة الحسين عليه السلام انما كانت علي الخطأ و الانحراف، و عليه فان موقفه كان يشكل ادانة تامة لهم شخصيا.


پاورقي

[1] اللهوف لابن‏طاووس ط النجف ص 25، و کشف الغمة للاربلي ط قم ج 2 ص 241.

[2] کما ذکرنا في حال محمد بن الحنفية و عبدالله بن عباس (و قد امرهما الامام الحسين عليه‏السلام بالبقاء في الحجاز).