بازگشت

المرحلة الثانية من اعلان الثورة


ان المرحلة الثانية من الثورة علي يزيد بدأت في مكة، عندما وصلت اخبار رفض الامام عليه السلام لمبايعة يزيد، و عزمه علي المضي في موقفه مهما كانت العواقب، ثم استجابة اعداد كبيرة ممن وصلتهم تلك الاخبار، و عزمهم علي اتخاذ نفس موقفه الرافض ليزيد، و هو ما اقدموا عليه، و طلبوا من الحسين عليه السلام ان يقودهم لتصحيح الاوضاع التي ادركوا سوءها فعلا، بعد موقف الامام عليه السلام و بعد اختفاء معاوية من الساحة و اختفاء الهالة الكاذبة و الاضواء البراقة التي احاط نفسه بها، و التي لم تكن محلحتها سوي سعيه لتثبيت عرش ابنه المعروف لدي الامة و من سيأتي بعده من ذرية و احفاد.

لقد أعاد موقف الامام الامة الي وعيها و جعلها تفكر بشكل جدي باوضاعها المتردية التي جرت اليها بفعل مقصود مدروس، لتصل الي وسيلة تمكنها من تجاوز محنتها و تريدها، علي ان ما أعادها الي الصواب حقا هو موقف الامام عليه السلام بعد ذلك في الطف، و خلال المسيرة الملحمية من مكة الي الكوفة، و هو موقف ان اصابها بصعقة في بداية الامر و جعلها تقف حائرة منذهلة امام ذلك الاصرار لتحدي الدولة الجائرة، الي حد اعلان الحرب عليها رغم قلة الامكانات و العدد و الناصر، فانه جعلها بعد ان لمست بعض نتائج تلك الثورة تفكر بالتصدي للظلم و الانحراف و الطغيان مهما كان مركز و قوة الظالم و المنحرف و الطاغي، و تجد الوسائل المناسبة لتنغيص عيشهم و الوقوف بطريق مخططاتهم التي كانت تريد ابعادها عن الاسلام و صرفها عنه، و هو ما. حدث فعلا، اذ لم تنطف جذوة تلك الشرارة الاولي في نفوس المسلمين رغم كل فترات السبات و الاستسلام الظاهرية، و وجدت لها صدي في نفس كل مسلم علي امتداد التاريخ و اتساع رقعة العالم.

و قد ذكرنا ان هناك مخاوف حقيقية كانت تساور نفوس رجال الدولة الاموية و في مقدمتهم يزيد، الذي احس بالخطر المحتمل القادم من مكة، فكتب الي ابن


عباس لكي يسترضي الحسين عليه السلام، و يعرض عليه الاموال الطائلة كرشوة علي سكوته أو مبايعته، و يعرض علي ابن عباس رشوة اخري ان هو نجح بمهمته التي عرضها عليه.

و كان الامر الرئيسي الذي تضمنه رد ابن عباس هو ان الشي ء الوحيد الذي ربما يكفل ذلك هو ان يقلع يزيد عما اعتاده من سلوك فاضح معلن، و يعود الي حضيرة الاسلام، و هو ما بدا مستحيلا امام انغماسه في حياة اللهو و الموبقات و اعتياده بل وادمانه عليها.