بازگشت

الامام الحسين يعلن الثورة في مكة


اشرنا في الفصل السابق الي ان وصول الامام الحسين عليه السلام الي مكة شكل حدثا فريدا و هاما، خصوصا و انه اقترن مع اكبر مناسبة للمسلمين تتم شعائرها في ذلك المكان المقدس و هي مناسبة الحج، و هي فرصة يتاح فيها للامام عليه السلام اطلاع الامة كلها من خلال شهودها الذين حضروا الموسم، علي موقفه المعارض لبيعة يزيد، و الذي ربما شكل التمهيد الاول للثورة، و جعل فئات عديدة من المسلمين و خصوصا في العراق، تتطلع الي الالتحاق به اذا ما ثار ضد النظام الاموي، و هو ما فعله بعد ذلك، عندما رأي ان الظروف الموضوعية كانت كلها معدة لذلك.

و قبل ان ندخل في تفاصيل البحث، لابد لنا ان نذكر، و هو ما اكدته لنا كل كتب التاريخ، ان اول فعل قام به الحسين عليه السلام، هو اعلانه استمرار موقفه السابق ايام معاوية برفض بيعة يزيد، رغم تخلي بعض المعارضين الاوائل عن مواقفهم المشابهة لموقفه، و بقائه في الساحة وحيدا تقريبا، الا من ابن الزبير الذي كانت دوافعه مختلفة عن دوافع الامام تماما، و الذي لم يكن يحظي بأيه اهمية أو ثقل لدي الامة، مع وجود الامام عليه السلام، الامر الذي دفعه (لنصحه) لمغادرة مكة الي العراق، و هو (النصح) الذي لم تخف دوافعه عليه، رغم انه خروج بدا بنظر البعض استجابة لتلك النصيحة الخديعة، و قد المحنا الي ذلك قبلا.

اما موضوع رسائل أهل العراق، و هو ما سنتعرض له في فصل لا حق بعون الله، فهو موضوع دقيق لابد فيه من حل اشكالات عديدة، تكونت في اذهان بعض الباحثين و الدارسين و المؤرخين، بفعل الاستجابة الظاهرية من الامام لها اولا، و ما حصل له بعدها، اذ عدوه نتيجة تلك الاستجابة لا غير، و كذلك بفعل الاعلام الاموي الماهر، القائم علي مدرسة معاوية ذات الكفاءة العالية في التزوير و الدس و الكذب، و الذي حاول طمس كل اهداف الثورة و غاياتها، و التعتيم عليها بشكل مضلل طيلة فترة طويلة، امتدت طيلة العهد الاموي، ثم بفعل كل الاعلام المعادي لآل


البيت عليهم السلام، ابتداء من اعلام الحكم العباسي الذي رأي فيهم خطرا علي وجوده و علي كيانه، فراح يعمل علي تقويض مكانتهم لدي المسلمين، و يعمل علي حربهم و ابادتهم و استئصالهم، رغم ان قضية الحسين عليه السلام كانت و رقتهم الرابحة التي استخدموها لدي الامة للاطاحة بالحكم الاموي.