بازگشت

بين الحسين و ابن الزبير اختلاف المقومات الشخصية و دوافع الثورة


لقد رأينا ان ابن الزبير كان ممن لم يبايعوا ليزيد، غير ان مكانة ابن الزبير لدي المسلمين في مكة و غيرها لم تكن لتصل بأي حال من الاحوال الي مكانة الحسين عليه السلام لديهم، اذ لم تكن دوافعه كدوافع الحسين عليه السلام، و لم يكن يتمتع بما كان يتمتع به عليه السلام من صفات فريدة.

فكان ابن الزبير يري فيه منافسا كبيرا جديرا بأن يجعله بعيدا عن دائرة الضوء، و بعيدا عن اهتمام المسلمين اذا ما مكث معه في مكة و اقام بها.

و هكذا فقد كان الامام الحسين عليه السلام.

(أثقل الناس عليه، قد غمه مكانه بمكة، لان الناس ما كانوا يعدلونه بالحسين، فلم يكن شي ء يؤتاه احب اليه من شخوص الحسين عن مكة، فأتاه فقال: اباعبدالله ما عندك؟ فوالله لقد خفت الله في ترك جهاد هؤلاء القوم علي ظلمهم و استذلالهم الصالحين من عباد الله) [1] و حثه علي الخروج قائلا:(اما لو ان لي كلها مثل انصارك


ما عدلت عنها) [2] (يعني الكوفة).


پاورقي

[1] مروج الذهب 69 / 3 و قد روي ان ابن‏الزبير اتي الامام عليه‏السلام و قال له: (ما ادري ما ترکنا هؤلاء القوم و کفنا عنهم، و نحن ابناء المهاجرين، و ولاة هذا الامر دونهم. خبرني ماذا تريد ان تصنع؟ فقال الحسين: و الله لقد حدثت نفسي باتيان الکوفة، و لقد کتب الي شيعتي بها و اشراف اهلها، و استخير الله، فقال له ابن‏الزبير: اما لو کان لي بها مثل شيعتک ما عدلت بها، ثم انه خشي ان يتهمه فقال: اما انک لو اقمت بالحجاز ثم اردت هذا الامر هاهنا ما خولف عليک ان شاء الله، ثم قام فخرج من عنده، فقال الحسين: ها ان هذا ليس شي‏ء يؤتاه من الدنيا احب اليه من ان أخرج من الحجاز الي العراق، و قد علم انه ليس له من الامر معي شي‏ء، و ان الناس لن يعدلوه بي، فود اني خرجت منها لتخلو له). الطبري 294 / 3 و نهاية الارب للنويري ج 407220 ط القاهرة و جمهرة خطب العرب 35 / 2 و قد ذکر ابن‏الاثير 400 - 399 / 3 و الطبري 296 - 295 / 3، ان ابن‏الزبير قال للامام عليه‏السلام لما اخبره بعزمه علي الخروج الي العراق (اما انک لو اقمت بالحجاز ثم اردت هذا الامر ها هنا لما خالفنا عليک و ساعدناک و بايعناک و نصحنا لک. فقال له الحسين: ان ابي حدثني ان لها کبشا به تستحل حرمتها فما احب ان اکون انا ذلک الکبش. فقال: فأقم ان شئت و توليني انا الامر فتطاع و لا تعصي. قال: و لا اريد هذا ايضا. ثم انهما اخفيا کلامهما فالتفت الحسين الي من هناک و قال: اتدورن ما يقول؟ انه يقول أقم في هذا المسجد اجمع لک الناس، ثم قال له الحسين: و الله لان اقتل خارجا منها بشبر احب الي من ان اقتل فيها، و لأن اقتل خارجا منها بشبرين احب الي من ان اقتل خارجا منها بشبر، و ايم الله لو کنت في حجر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتي يقضوا بي حاجتهم، و الله ليعتدن علي کما اعتدت اليهود في السبت، فقام ابن‏الزبير فخرج من عنده فقال الحسين: ان هذا ليس شي‏ء من الدنيا احب اليه من ان اخرج من الحجاز، و قد علم ان الناس لا يعدلونه بي. فوددت اني خرجت حتي يخلو له).

[2] المصدر السابق.