بازگشت

استنفار الدولة الاموية لمنع الامام الحسين من اعلان الثورة


كانت محاولات الدولة الاموية بمجموعها منصبة علي منع الامام الحسين عليه السلام من اعلان ثورته و مسيرة المحتمل الي العراق، مع انه كما اشرنا لم يعلن عزمه علي ذلك المسير، الا بعد ان وردته مئات الكتب من اهلها تؤكد رغبتهم بالقدوم عليهم و قيادتهم للاطاحة بالحكم الاموي، و بعد ان تيقن من صدق بعض أو معظم تلك الدعوات. [1] .

و كان ذلك بعد حوالي شهرين من قدومه الي مكة اي بعد انتهاء النصف الاول من اقامته فيها، لكي تتاح لاهل الكوفة فرصة سماع رفض الحسين للبيعة و الاجتماع و اتخاذ القرار المؤيد لقرار الامام عليه السلام و مراسلته و الوصول اليه، ثم لكي تتجمع


رسائلهم و تدرس من قبله، و هذا بالتأكيد يحتاج الي فترة مناسبة قد تمتد الي اكثر من شهرين، و هذا ما حصل بالضبط كما اكدت لنا كتب التاريخ.

و لا شك ان عيون الدولة و مخبريها قد زودوها بتحركات الامام عليه السلام و التي لم تكن خافية باية حال من الاحوال لان الامام اراد لها ان تتخذ موقفا معلنا لكي تدرك الامة طبيعتها و اهدافها، و هي طبيعة دقيقة لابد ان تتحسسها، لكي تنسجم معها و تلتحق بركب الثورة.

و يبدو ان عمرو بن سعيد الاشدق كان من اشد المتحمسين للقضاء علي خطط الامام الحسين عليه السلام و افشالها، و كان يراقب تحركاته و اتصالاته، و بلغ الامر انه حاول اغتياله ثم منعه بعد ان لم يتح له ذلك، و قد كتب الي يزيد يعلمه كيف ان انهم كانوا يختلفون اليه و يجتمعون به، و لم يخف علي يزيد المركز الذي كان يتمتع به الامام عليه السلام لدي الامة و قوة موقفه بمواجهة انحرافه المعلن و امكانية الاطاحة بحكمه الفاسد، و هو ما بدا محتملا، و بدا امرا مخيفا و داعيا للقلق الشديد، و اذا ما علمنا ان اعوان الدولة قد بدأوا يحسون بقرب نهايتهم امام الثورة الشعبية المحتملة بقيادة الامام عليه السلام، و التي تمتلك قضية عادلة واضحة، و انها ستقضي علي كل الامتيازات التي كرسوا لها حياتهم، بل و كرس لها حتي آباؤهم من قبل حياتهم و وقتهم، فانهم رأوا ان يجعلوا من قضية الالتفاف حول يزيد و حكمه قضية بمواجهة قضية الامام عليه السلام، التي اراد فيها اعادة المسلمين الي الخط الاول الذي رسمه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و بدا ان اعوان الدولة قد استنفروا كل امكاناتهم لا يقاف مسيرة الحسين عليه السلام و احتجازه في مكة و القضاء عليه هناك، اذ ان مجرد و جوده كان خطرا محتما عليهم، و قد ادركوا ان خطه بشكل عام لا يمكن ان يوازي خط دولتهم المنحرفة، و اذا ما اخذوا احتمالات المستقبل بعين الاعتبار، و تبنوا امرا سياسيا تقوم عليه سياستهم و هو الاخذ علي الظن و الشبهة، فانهم رأوا ان خير اجراء يمكن ان يتخذوه هو ايقاف الثورة منذ البداية، و منع الامام عليه السلام من اي تحرك و اجباره علي البيعة أو حجزه و اعلام الامة (كذبا) انه بايع، كما فعل معاوية مع النفر الذين احتجزهم في المدينة تحت التهديد و اعلم الناس انهم بايعوا، و لم تكن امثال هذه الوسائل الملتوية مما يعوز الدولة القائمة علي المكر و الخديعة و الدس.



پاورقي

[1] و بالتاکيد فان معظم تلک الدعوات کان صادقة و قد التف اصحابها حول مبعوث الامام، مسلم بن عقيل، الا ان مساعي مسلم احبطت نتيجة الخطة المحکمة التي اتبعها ابن‏زياد بالتعاون من بعض شيوخ الکوفة و رؤسائها و اشرافها.