بازگشت

يزيد يحاول اغتيال الحسين في مكة


و يبدو ان الاخبار كانت تصل يزيد قبل ان يعين عمرو الاشدق اميرا علي الحاج، و أنه عينه بناء علي تلك الاخبار التي وصلته.


(و بلغ الحسين عليه السلام ان يزيد بن معاوية أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص الاشدق الفاتك الجبار في عسكر عظيم، و أمره علي الحاج، و ولاه امر الموسم، و أوصاه بقبض الحسين سرا، و ان لم يتمكن منه بقتله غيلة، و أمره أن يناجز الحسين القتال، ان هو ناجزه، ودس مع الحاج ثلاثين رجلا من شياطين بني امية و أمرهم يا غتيال الحسين، و لو كان متعلقا باستار الكعبة). [1] .

كان الامام عليه السلام معرضا للقتل و الاغتيال في مكة، كما كان حاله في المدينة بالضبط اذ لم يكن الحكم الاموي بقيادة يزيد يتحرج من اتخاد اي موقف ضده أو ضد اي معارض آخر، و كانت الترتيبات تجري فعلا بهذا الاتجاه لو لم يسارع الامام بالخروج من مكة.

و بعد أن (طاف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة، و أحل من احرامه، و جعلها عمرة مفردة، لانه لم يتمكن من اتمام الحج، مخافة ان يقبض عليه في مكة،فتستباح به حرمة البيت الحرام). [2] .

و قد قال عليه السلام لمن سأله:

(ما أعجلك عن الحج؟ لو لم اعجل لأخذت). [3] .

و كان موقف الامام عليه السلام دقيقا و حرجا، و هذا ما ينبغي ان يفهمه كل دارس عن اسباب ثورته و خروجه من مكة بتلك السرعة المفاجئة التي لم يتوقعها الكثيرون منهم ابن الزبير و عمرو بن سعيد الذي ما كان ليتورع عن منعه لو كان له علم مسبق بخروجه.

و سيتبين لنا من اجوبته للمعارضين و (الناصحين) بعدم الخروج السبب الحقيقي الذي كان وراء ذلك، و هي اسباب لا يستطيع فهمها الا من يفهم الاسلام حقا


و يفهم العقلية التي حملها الامام عليه السلام، و التي كانت نسخة من عقيلة جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابيه أميرالمؤمنين عليه السلام.

أما الذي يناقش الامور و الاحداث بعقلية معاوية الانتهازية المصلحية، أو بعقلية رجل الدولة الجاهلية، فانه سيتيه في حيرته و لن يجد سببا مقنعا لذلك الخروج و طريقته و اسلوبه. ولكنها علي اية حال اسباب مقنعة بنظره عليه السلام، ولو لم تكن كذلك لما اقدم علي مناوئة الدولة القوية و تحديها الي درجة اعلان الحرب عليها، و اذا ما فهمنا ان حرصه علي الاسلام كان الدافع الاول وراء ذلك، ادركنا الي اي حد كان علينا ان نقدر تلك الخطوة الفدائية الجادة التي جاءت في الوقت المناسب، و كيف ان كل المسلمين مدينون لذلك الجهد الخارق الذي بذله امام الامة من اجل انقاذ الامة.

و من هنا جاء تقدير و اعجاب العديدين، حتي من اولئك لم يحملوا الفكر الاسلامي اساسا و كانوا منتمين الي ديانات اخري، فقد هزهم ذلك الالتصاق الكبير بالمبادي ء و القيم التي حملها عليه السلام، و ذهب في سبيل نشرها و احيائها و انقاذها الي حد الاستشهاد و التضحية بنفسه و خيرة شباب عائلته و اصحابه.


پاورقي

[1] مقتل الحسين عليه‏السلام السيد محمد تقي آل بحر العلوم، بيروت ط 1978/1 ص 153، نقلا عن مثير الاحزان لابن‏نما ص 89، و اللهوف لابن‏طاوس ص 26 ط النجف، و ينابيع المودة للقندوزي، باب 61.

[2] البطري 285 / 5 ط 1 دار المعارف و الاسناد للمفيد ط ايران ص 228 و مقتل الخوارزمي ج 1 ف 11.

[3] الطبري 296 / 3 ط دار المکتبة العلمية / لبنان.