بازگشت

تمهيد


كان وصول الحسين عليه السلام الي مكة حدثا فريدا، قلما اتيح لها ان تشهد مثله.

لقد عرفنا مكة، و هي مقر قبلة الله و كعبة المسلمين و الموحدين. رأينا مكة القرشية تقف من الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم، ابنها و ابن سادتها موقف العداء و الحرب منذ اعلانه الرسالة علي الامة منطلقا منها...، و كانت حربها الشرسة عليه مستمرة، لم تقطعها هدنة أو صلح حتي أخرجته...، ثم حاولت ملاحقته و قتله و شن الحروب عليه بقيادة زعمائها التقليديين ذوي المصالح و التجارات الواسعة، القائمه علي الربا و الاستغلال امثال ابي سفيان و غيره، و استمرت حروب مكة معه حتي قبل عام واحد من وفاته صلي الله عليه و آله و سلم، و التحاقة بالرفيق الاعلي حينما فتحها و ادخل اهلها في حظيرة الاسلام، و جعل قريش تنحني صاغرة امام عز هذا الدين الجديد الذي جاء بقيم و اهداف و تشريعات جديدة تتقاطع مع قيمها و اهدافها و تشريعاتها التجارية المصلحية المستغلة.

علي ان مكة عادت بعد الفتح الي الأسلام، و اصبح أهلها أهليه، و عاد البلد الحرام، حرما آمنا علي كل جبار، الا ان يخرج عن الاسلام علانية.

و في خضم التيارات و الحوادث عرفت مكة من كان ينبغي عليها أن تلتف حوله، غير ان الدولة الاموية التي استمالت أهل الشام منذ البداية و جعلت من دمشق عاصمة لها، قللت من شأن الحجاز باجمعه، و الذي ضم عاصمة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و مثواه و انصاره، و كذلك مقر كعبته المشرفة، و اهملت المدينتين اهمالا ذريعا، أريد للفساد أن ينتشر فيهما بشكل مقصود.

و ما جري في عهدي معاوية و يزيد، كان يبدو و كأنه يشير الي ان هذين (الخليفتين) ارادا الانتقام من هاتين المدينتين، و تجريدهما من صفة القدسية التي بدتا


بها في نظر المسلمين، و خصوصا المدينة، حيث تعرضت لغزوات مقصودة من قبل احد قادة معاوية، الذي اهان اهلها و أخذهم بالشدة و العنف...، ثم، غزاها احد قواد يزيد، و كانت له معها واقعة لن تنسي و ستظل و صمة عار كبيرة في جبين الحكم الاموي برمته، تضاف الي الوصمات العديدة التي طبعت دولتهم بطابعها و عارها.