بازگشت

نصيحة مروان للوليد عامل يزيد بشأن الحسين: نصيحة لئيمة


و قد اشار مروان علي الوليد عندما دعاه الاخير و أقرأه كتاب يزيد بشأن البيعة، ان يبعث في طلب النفر الذين لم يبايعوا و يدعوهم الي البيعة و القبول في الطاعة علي حد تعبيره.


(... فان فعلوا قبلت منهم، و كففت عنهم، و ان أبوا قدمتهم فضربت اعناقهم قبل ان يعلموا بموت معاوية، فانهم ان علموا بموت معاوية و ثب كل امري ء منهم في جانب، و اظهر الخلاف و المنابذة، ودعا الي نفسه لا أدري). [1] .

و كانت نصيحة عميد الاسرة الاموية في المدينة مروان لوالي يزيد عليها، نصيحة لئيمة و سلاحا ذا حدين، اراد به مروان التخلص من الحسين عليه السلام، و كل من يعارض حكم يزيد و الامويين اولا، و استجلاب النقمة علي يزيد ليخلو له الجو فيما بعد، باعتباره اقرب المرشحين للحكم اذا ما هلك يزيد أو تعرض لثورة شعبية ضد حكمه.

و لم يكن مروان منطلقا من حرص علي الاسلام أو وحدة المسلمين بهذه المشورة الماكرة، و قد اراد استغلال اضطراب الوليد بن عتبة و قلقه و مخاوفه لتنفيذ جريمة قتل الحسين عليه السلام حالا، مدركا و مؤملا ان الامور ستكون اقرب لصالحه اذا ما تمت الجريمة بتلك السرعة و ذلك الحسم.

و عندما و جد رسوله الحسين عليه السلام في المسجد و اخبره بطلب عامل يزيد اياه في ساعة متأخره من الليل، لم يعتد العامل الجلوس فيها شعر الحسين ان امرا خطيرا قد حدث، و ما كان الوليد ليبعث اليه في تلك الساعة لو لم يحدث ذلك الامر، فقال:

(قد ظننت، أري طاغيتهم قد هلك، فبعث الينا ليأخذنا بالبيعة، قبل ان يفشو في الناس الخبر). [2] .

و ذهب اليه في جمع مواليه و اهل بيته عازما ان لا يستجيب لهذه البيعة التي قد تطلب منه، و التي قد يحاولون اكراهه عليها، و قال لاصحابه:

(اني داخل فان دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا، فاقتحموا علي باجمعكم و الا فلا تبرحوا حتي اخرج اليكم). [3] .

و عندما اخبره الوليد بموت معاوية و دعاه الي البيعة، رفض ذلك و قال له:

(ان مثلي لا يعطي بيعته سرا، و لا اراك تجتزي ء بها مني سرا دون ان نظهرها


علي رؤوس الناس علانية، فاذا خرجت الي الناس فدعوتهم الي البيعة دعوتنا مع الناس فكان امرا واحدا). [4] .

و ربما كان بطلبه هذا يريد كسب الوقت ريثما يتخذ القرار المناسب، و هو اما مغادرة المدينة قبل ان تحاصره السلطة و تلقي القبض عليه و قد تعمد الي قتله، أو يقوم بتحريض الجماهير علي يزيد و تبيان رأيه به امامها. أما احتمال البيعة فلم يكن واردا بأبي حال من الاحوال، و قد ادرك الوليد و مروان ذلك كلاهما، و لم يكن الوليد متحمسا لأخذه بالقوة، فقد كان يدرك من هو و يعرف مكانته من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و مركزه من المسلمين (و كان يحب العافية) [5] ، فسمح له بالذهاب.


پاورقي

[1] الطبري 270 - 369 / 3، و ابن‏الاثير 377 / 3.

[2] المصدر السابق 270 / 3، و ابن‏الاثير 378 / 3.

[3] نفس المصدر 370 / 3 و ابن‏الاثير 378 / 3.

[4] المصدر السابق.

[5] المصدر السابق.