بازگشت

كتاب يزيد الي واليه علي المدينة


فقد روي البلاذري ان يزيد كتب الي عامل الدولة علي المدينة الوليد بن عتبة يبلغه فيها هلاك ابيه قائلا:

(اما بعد فان معاوية بن ابي سفيان كان عبدا من عبادالله، اكرمه الله، و استخلفه، و خوله، و مكن له، فعاش بقدر، و مات بأجل، فرحمة الله عليه، فقد عاش محمودا، و مات برا تقيا). [1] .

و قد اورد الطبري هذه الرسالة بنصها، وقد اضاف: ان يزيد قد كتب في ورقة صغيرة مرفقة مع رسالته هذه التي ارادها ان تكون اعلانا بوفاة معاوية، اورد فيها امرا خاصا اراده ان يتم بسرية و كتمان، و ربما لم يرد تحمل نتائجه امام الامة فيما بعد، و قد وصف الرسالة بانها كأذن فأرة لصغرها جاء فيها:

(اما بعد فخذ حسينا و عبدالله بن عمر و عبدالله بن الزبير بالبيعة اخذا شديدا ليست فيه رخصة حتي يبايعوا). [2] .

و لسنا نجد سببا لا ضافة اسم عبدالله بن عمر الي جبهة المعارضين، اللهم الا اذا اريد من اعلان بيعته (لانه قد اعلن قبوله المسبق لذلك و استعداده للبيعة اذا ما بايع الجميع) استدراج الآخرين لها و تشجيعهم عليها ليكون لهم (اسوة) بهذا الامر، و ربما اريد من ذلك رد الاعتبار اليه بعد استسلامه و تنازله امام معاوية و يزيد. [3] .

اما الخوارزمي فقد ذكر ان يزيد كتب الي الوليد بن عتبة بالرسالة التالية:


(اما بعد فان معاوية كان عبدا من عباد الله، اكرمه و استخلصه، و مكن له ثم قبضه الي روحه و ريحانه و رحمته، عاش بقدر و مات بأجل، و قد كان عهد الي و أوصاني بالحذر من آل ابي تراب لجرأتهم عي سفك الدماء، و قد علمت يا وليدان الله تبارك و تعالي منتقم للمظلوم عثمان بآل ابي سفيان، لأنهم انصار الحق و طلاب العدل، فاذا ورد عليك كتابي هذا، فخذ البيعة علي أهل المدينة). [4] .

و لا نستبعد صدور هذه الرسالة عن يزيد، فقد كانت باسلوبها الفج و ما احتوته من مغالطات و اكاذيب جديرة بذلك الجو الاعلامي السائد الذي تعمد الاساءة الي أميرالمؤمنين و سبه و التقليل من شأنه و شأن بنيه و اتهامهم بسفك الدماء، تمهيدا لاستئصالهم و قتلهم، كما كانت تعبر عن المغالطات الاموية المعروفة بشأن (المظلوم عثمان)، و قيام آل ابي سفيان. لا معاوية وحده. بأخذ ثأره، من أهل المدينة طبعا في الدرجة الاولي، الذين لم يكفهم ما فعلوه بحق عثمان بزعمه حتي راحوا يرفضون يزيد، الولي الجديد للدم الذي اهدر منذ ز من بعيد، و لم يرد له آل ابي سفيان ان يجف حتي يحققوا كل طموحاتهم و احلامهم.


پاورقي

[1] البلاذري، انساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 124، و الطبري 269 / 3.

[2] البلاذري، انساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 124، و الطبري 269/3.

[3] و لم يورد اليعقوبي اسم ابن عمر عند التطرق الي رسالة يزيد و اوردها علي الشکل التالي: (اذا اتاک کتابي فأحضر الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير، فخذهما بالبيعة، فان امتنعا فاضرب اعناقهما و ابعث الي برؤوسهما و خذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فانفذ فيه الحکم و في الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير...) تاريخ اليعقوبي 215،2، اما ابن‏عساکر، فقد ذکر الرسالة و لم يشر فيها الا الي الحسين فقط، و ان يزيدا قد اوصي الوليد به خيرا، و اغلب الظن انها قد کانت من الرسائل الموضوعة، و لم تکن الرسالة الحقيقية التي کتبها يزيد بالفعل... ادع الناس بايعهم، و ابدأ بوجوه قريش،وليکن اول من تبدأ به الحسين بن علي، فان اميرالمؤمنين عهد الي في امره الرفق باستصلاحه) تاريخ ابن‏عساکر 68 / 13.

[4] الخوارزمي / مقتل الحسين 178 / 1.