بازگشت

خطاب حفل التتويج اضغاث أحلام و انهار دماء


و قد الحق خطابه هذا بخطاب ناري آخر، اعلن فيه لاهل الشام استماتته في الدفاع عن مصالحته التي هي مصالحهم، و هدد فيه اهل العراق، لانه توقع ان تكون المعارضة من هناك، وقد لجأ الي اسلوب مقبول عند اغلبية أهل الشام الجهلة و المغرر بهم و النحازين اليه عن وعي أو دون وعي، و كأنما يقرر فيه امورا غيبية تحتم عليه القيام بما سوف يقوم به، و هو اسلوب رواية حلم مختلق، ادعي انه شاهد نهرا من دم عبيط يجري بين أهل الشام و اهل العراق و لم يستطع اجتيازه سوي عبيد الله بن زياد، و اغلب الظن انه لم يرد ان يكشف لهم (ثقة) معاوية بعبيد الله و عهده اليه بتأميره علي الكوفة، اذا ما احس ان خطرا يمكن ان يأتيه منها، و ربما اعلن حمله هذا عندما سار الحسين عليه السلام من مكة الي الكوفة، غير ان ما تأكد من خطابه هو عزمه علي منازلة اي طرف أو جبهة معارضة.

و قد جاء في خطابه:

(يا أهل الشام، فان الخير لم يزل فيكم، و سيكون بيني و بين أهل العراق حرب شديد، و قد رأيت في منامي كان نهرا يجري بينني و بينهم دما عبيطا، و جعلت اجهد في منامي أن اجوز ذلك النهر، فلم اقدر علي ذلك حتي جاءني عبيد الله بن زياد، فجازه بين يدي، و انا انظر اليه).

و قد اجابه أهل الشام بقولهم:

(يا اميرالمؤمنين امض بنا حيث شئت، و اقدم بنا علي من احببت، فنحن بين يديك، و سيوفنا تعرفها اهل العراق في يوم صفين). [1] .


و يبدو بشكل واضح محاولة يزيد تملق اهل الشام و استمالتهم و تحريضهم كما كان يفعل أبوه من قبل من خلال ابراز الامر كله و كأنه صراع بينهم و بين أهل العراق و غيرهم.


پاورقي

[1] حياة الامام الحسين / باقر شريف القرشي / نقلا عن الفتوح 6 / 5، ص 245.