بازگشت

وصية معاوية ليزيد برنامج انحرافي متكامل


و قد روي ابن الهيثمي في كتابه (تطهير الجنان و اللسان عن الخطور في ثلب سيدنا معاوية بن ابي سفيان)، ان معاوية لما حضره الموت قال ليزيد:

(قد و طأت لك البلاد و فرشت لك الناس، و لست اخاف عليك الا أهل الحجاز، فان رابك منهم ريب فوجه اليهم مسلم بن عقبة المري فاني قد جربته). [1] .

و بذلك يكون معاوية هو مجرم واقعة الحرة كما كان هو مجرم واقعة الطف، و لم يكن يزيد سوي متلق و مستجيب لتعليمات والده بابادة و قتل من يخرج عليه، بارسال اقسي قادته و اكثرهم شراسة و وحشية لقمع الثورات المحتملة في الحجاز و العراق، و اذا ما ذهبنا مع اولئك الذين حاولوا تبرئة معاوية و القاء تبعة الجريمتين علي


يزيد وحده فسنجد من الوقائع الثابتة و من استقرائنا لتاريخ معاوية بمجمله ان معاوية كان المسؤول الوحيد، و ان يزيد كان مجرد منفذ، حاله في ذلك حال ابن زياد و ابن سعد و ابن عقبة وغيرهم، غير ان جريمته تزيد علي جرائمهم باعتبار انه قد تسلم المسؤولية الاولي لقيادة المسلمين و انه كان صاحب القرار الاخير لتنفيذ تلك الجرائم التي عهد اليه والده بتنفيذها.

و قد ذكر الطبري بان معاوية حذر يزيد في وصيته [2] من الحسين عليه السلام و عبدالله بن عمر و عبدالله بن الزبير و عبد الرحمن بن ابي بكر، و تخوف من قيامهم بمنازعته امر خلافة المسلمين، غير اننا لو تدبرنا مضمون رأي معاوية بخصوص عبدالله بن عمر و عبد الرحمن بن ابي بكر، و ان الاول منهما كما قال رجل قد وقذته العبادة، و اذا لم يبق أحد غيره بايع، و ان الثاني منهما رجل ان رأي أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم، ليس له همة الا في النساء و الله و، ادركنا ان مخاوف معاوية لم تكن صحيحة بخصوص هذين الرجلين، خصوصا و انه تكفل بما جعلهما بعيدين عن الساحة، بسم احدهما و هو عبد الرحمن بن ابي بكر بعد ان رفض رشوة مقدمة اليه من معاوية، و ذلك قبل وفاة معاوية بحوالي سبع سنين، اي بعيد قيام معاوية بسم الامام الحسن عليه السلام و سعد بن ابي وقاص و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المنافسين المحتملين ليزيد، و تقديم رشوة كبيرة لعبدالله بن عمر بلغت مائة الف.


پاورقي

[1] الطبري: 260 / 3.

[2] تطهير الجنان، 60.