بازگشت

اخضاع مكة و المدينة


و كانت الجولة الثانية من حملة التمهيد لاستخلاف يزيد تستهدف اخضاع الحجاز (

مكة و المدينة)، بعدما مهد لاخضاع العراق (الكوفة و البصرة)، و هما و علي الخصوص الكوفة مركز المعارضة الاول الذي استهدفه معاوية منذ بداية الامر ببطشه و حرمانه من خيرات الدولة و عطائها، و لعل تعيين وال قاس و نائبه هما زياد و سمرة بن جندب، اللذان أمعنا في القتل و البطش، قد ساعده علي التمهيد لمشروعه لاحتكار السلطة الي الابد. الا ان المدينة، و هي عاصمة المسلمين في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و لفترة طويلة بعده، بقيت تشكل مركز التأثير المتقدم بل الاول لوجود الامامين الحسن و الحسين عليه السلام، و العديد من صحابة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم من المهاجرين و النصار، فكان لابد من اتباع خطة اخري معها من قبل معاوية، و هي وضعها امام الامر الواقع المتمثل باقدامه فعلا علي مبايعه يزيد بموافقة أهل الشام و بعض الموالين له من أهل العراق، الذين ( حثوه) بايعاز منه طبعا علي البيعة ليزيد. و قد ادرك معاوية المهمة في المدينة قد تقتضي جهدا لا يقدر عليه الا هو، و قد بدا ظاهريا في الفترة بين عقد اجتماعات الخطابة في الشام و ذهابه الي المدينة سنة خمسين انه لم يعمل بحماس لاجل هذه البيعة و اتمامها، و ربما لجس النبض في المدينة و كشف مراكز المعارضة الرئيسية فيها، و يبدو انه وصل الي غايته و تعرف علي هذه المراكز و القوي المعارضة المتمثلة بآل البيت عليهم السلام أولا، ثم بأولاد الخلفاء السابقين و بعض الصحابة أو أولادهم، ثم جماهير المدينة بشكل عام و التي قد تستجيب بسرعة اذا ما استجاب هؤلاء لخطة معاوية. و لم يكن معاوية بالرجل ذي الذاكرة الضعيفة، و الذي ينسي بسهولة انه قد اعطي الامام الحسن و بعده الامام الحسين عليه السلام امام الامة كلها عهدا مكتوبا بان يكون الاول خليفة من بعده، و اذا ما ألم به حادث الموت، يكون الثاني خليفة، غير انه يعلم ان الامة تعلم انه سينكث بعهده و سيجد مبررات ( مقنعة) لذلك، و ربما تنامت


و تصاعدت موجة الاحتجاج في المدينة علي مشروعه باستخلاف يزيد، اذا لم يبادر بالذهاب هو شخصيا اليها و يسكت الاصوات المعارضة. و هكذا شد الرحال الي المدينة سنة خمسين لطرح هذا المشروع، مع ان الامام الحسن عليه السلام لا يزال علي قيد الحياة،و يتمتع برصيد شعبي كبير هو و الامام الحسين عليه السلام، بعد اقامتها في المدينة و عملهما علي احياء مدرسة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم لتوجيه المسلمين و توعيتهم و تفقيههم في الدين طبقا لشريعته و منهجه و اسلوبه صلي الله عليه و آله و سلم.