بازگشت

آل أمية و حقدهم التاريخي علي الاسلام


فمن هم آل امية، و كيف كان حقدهم علي آل الرسول. و كيف كان هذا الحقد متوارثا متأصلا، بدأه امية علي هاشم، و حرب علي عبدالمطلب، و ابوسفيان علي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و معاوية علي آل الرسول؟ كانت عوامل الكره و البغضاء عديدة. حدثتنا عنها كتب التاريخ باسهاب، و قد عمق هذه العوامل ظهور الرسالة علي من اختصه الله و شرفه بها دون البشر جميعا، و جعله سيدا علي العالمين، و هو الرسول الكريم محمد صلي الله عليه و آله و سلم لم يكن مجال امام احد لمنافسته هذا الفضل، و ان كان يلتقي معه بالنسب و القرابة، بل لعل حسد الاقرباء و العشيرة قد فاق حسد غيرهم، اذ لم يختصوا هم بما اختص به هو وحده صلي الله عليه و آله و سلم دون غيره. خصوصا و انهم ربما كانوا يرون انفسهم اكثر جاها و ثراء و أعز نفرا و اعوانا.

و لم يكن دافع حقد أبي سفيان و ابي لهب و اضرابهما ممن كان لهم ان يغتبطوا و يفرحوا بما أختص الله به رسوله صلي الله عليه و آله و سلم من شرف رفيع مبررا، غير انهم كانوا جزءا من نظام جاهلي قبلي ظالم، يعتمد قيم الرق و الاستغلال و لا يستنكر الفاحشة و المنكر. و كان من نصبوا أنفسهم سادة لهذا النظام الجاهلي و سدنة لقيمه و اصنامه... يرون في مسألة الرسالة الاسلامية مسألة تحد شخصي لهم خاصة قبل أن يعتبروها مسألة الهية تستهدف تغيير كل مجتمعات الارض علي اساسها، لقد كان ذلك ما لم يستطيعوا ان يفهموه أو يهضموه أو يسكتوا عنه.


و قد عمق الكره و الحقد وجود اسباب شخصية اخري تمثلت بمقتل عدة اشخاص من آل امية في بدر منهم جد معاوية لأمه و خاله و عمه.

و كان تحرك أبي سفيان المستمر و الدائب ضد الاسلام و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم ملفتا للنظر حقا، لا تستطيع كتب التاريخ الا ان تتحدث عنه باسهاب، حتي و ان مال بعض المؤرخين الي اخفاء بعض الحوادث و عدم التكلم عنها.

لقد شن ابوسفيان حربه الظالمة علي الله و رسوله منذ ان اجاز الله لرسوله صلي الله عليه و آله و سلم اظهار هذه الرسالة و اعلانها علي الملأ، و جعل مهمته الاولي في الحياة تصعيد هذه الحرب الظالمة، و لو كان ابوسفيان يعلم ان اعلي منصب في الدولة الاسلامية سينتقل الي اولاده، ليحتلوا مركز رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و ينصبوا من انفسهم سادة و ملوكا علي المسلمين، يتحكمون في رقابهم و اموالهم و اعراضهم دون ضوابط و قيود، و يسرقون كل المكاسب التي حققها لهم الاسلام، لما نظنه قد وقف موقفه المناوي ء للرسالة، منذ البداية و حتي دخوله المعلن في الاسلام مجبرا ذليلا في عام الفتح، و لعمل علي استثمارأ هذه الدين بعقليته التجارية التي تحسب كل شي ء بحساب الربح و الخسارة. و علي العموم فقد كان هو [الرابح] الوحيد في عمليات الحكم المعقدة التي انتهت لصالحه في نهاية الامر، و اصبحت مقدرات الامة في عمليات الحكم المعقدة اتي انتهت لصالحه في نهاية الامر، و اصبحت مقدرات الامة بيد صبيان بني امية، مما اثلج صدر عميد العائلة الاموية فهتف بحضور عثمان مخاطبا الامويين قائلا:

(يا بني امية، تلاقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبوسفيان، ما من جنة و لا نار، و ما زلت أرجوها لكم، و لتصيرن الي صبيانكم وراثة) [1] .

و قد اتجه الي قبر عدوه القديم حمزة منهيا الحساب معه بركلة اخيرة للقبر، و قال متهكما:

يا اباعمارة؛ ان الامر الدي اجتلدنا عليه امسي في يد غلماننا يتلعبون به [2] .

و قد كان الامر كذلك فعلا كما حسب و خطط العميد الاموي و العائلة الاموية كلها، و كان وجود عثمان علي سدة الحكم فرصة ذهبية أخيرة لجعل الحكم يظل بيد هذه العائلة، حتي و ان راح عثمان نفسه ضحية لذلك.


و قد اطلعتنا كتب التاريخ علي بعض الاسباب التي ادت الي تقريب أبي سفيان و ابنيه يزيد و معاوية من مركز السلطة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم مباشرة.. و كيف [استثمر] معاوية بعد ذلك موقف عثمان و مقتله، و نصب من نفسه وليا للقتيل، مطالبا بدمه.

و كانت النتيجة بحسابات معاوية لصالحه و صالح عائلته، اما بحسابات الاسلام فقد كانت اكبر نكسة لحقت بالامة طيلة تاريخها و حتي اليوم، عمقها تعاقب السلسلة الاموية، ثم السلاسل الطاغوتية الفرعونية بعد ذلك علي سدة الحكم، خلفاء و امراء للمؤمنين و مفوضين الهيين و متحكمين مطلقين في مصائر المسلمين و سائر الناس علي وجه العموم، اذ لو لم يعمد معاوية الي ما عمد اليه لكانت خارطة العالم الاسلامي قد تغيرت و اصبحت غير ما هي عليه الان، و لكان الاسلام قد امتد ليغيرها لصالح البشرية جمعاء و لجعل الناس يتنفسون برئة الاسلام الصحيحة هواءا صحيا نقيا.

لكن تمرد طاغية واحد لم يؤمن بالاسلام اصلا و طمعه و جشعه ادي الي ذلك الدمار الكبير الذي ظل الجميع يعانون منه طيلة هذه القرون الطويلة من الزمن، و هذا ما وقع بالفعل عندما لم يشأ معاوية و لو للحظة واحدة ان يقترب من الاسلام و ينظر بمنظاره، و اصبح العالم حتي الآن يعيش الآثار السلبية التي خلفها تمرد نفس شيطانية واحدة.


پاورقي

[1] انساب الاشراف 28 / 5.

[2] شرح النهج 67 / 1.